+ A
A -
السعادة فعلٌ والسعادةُ الزوجيةُ -بخاصةٍ- فعلٌ مدروسٌ مليءٌ بالمطبّات، وطريقه مغروسةٌ بالأشواكِ، ومحظوظٌ من يستطيع اجتيازها ليحقق هذه السعادةِ.
الزوجان يبدآن حياتهما وكأنهما قضيبا سكة حديدٍ متوازيان، ولكنهما -في نظرةٍ بعيدةٍ - يبدوان وكأنهما التقيا في نقطة الأُفُق، في حين أن الذي في دماغ كلٍّ منهما «متربِس» ومُقفَل.
بعد عشرين عاماً على اقترانهما، وعمل أسرةٍ قوامها هو وهي، وأربعة أبناءٍ، سخن الحوار بينهما، وبعث إليها برسالةٍ دون أن يجاهرها بالقول:
- عاوزين ننفصل.
ولكنه، وفي المساء، عاد من عمله متجهِّماً، وخلد إلى النوم، وفي الصباح، قال لها:
-عاوزين نتحاور، قولي ما عندك، سوف أسمعك، وأقول ما عندي.
فكَّرتْ وفكرت، ثم دوَّنتْ أفكارها في أربع نقاطٍ:
*أنا سعيدةٌ بك وبالأسرة التي عملناها سويّاً، وأقدِّر غيرتك علينا، وحدبك على الأسرة كلِّها، ولا أفكِّر في هدم هذا البناء.
* لا شكّ أنك تعاني متاعب في عملك، اخلع هذه المتاعب، وألقِ بها في سلّة المهملات، قبل أن تفتح الباب وتطلّ علينا.
*كيف تتصوّر حالة أبنائنا، إن فوجئوا بانفصالنا بعد هذه العِشرة؟ أخشى أن يكون الانفصالُ عاملاً في تدمير شخصيّاتهم،والتسبُّب في آلامٍ نفسية، يكون لها أثرُ سلبيٌّ في حياتهم.
*أخيراً، فإنني متمسِّكةٌ بهذا البناء، وربّما تكون إجازةٌ قصيرةٌ لي وللأولاد فرصةً لك، تعيد فيها تقويم نفسك، والرجوع عن فكرة الانفصال.
تركت له هذه الأفكار مدوَّنةً في ورقةٍ وضعتها على مكتبه، الذي تحرص على ترتيبه بنفسها، وحين عاد وقرأها، انطبعت على وجهه ابتسامةٌ عريضةٌ:
- أم سليمان، اشتقتُ لشايك بورقة النعناع.
آخر السطر:
إني لأذكرُ بالرَّبيعِ وحُسنِهِ...
عهدَ الشَّبابِ، وطِرفِهِ المِمراحِ
هل كان إلا زهرةً كزُهورِهِ..
عجِلَ الفَناءُ لها بغيرِ جُناحِ؟
(شوقي)
بقلم : حسن شكري فلفل
copy short url   نسخ
13/04/2018
2299