+ A
A -
كنت دائما، وغيري كثيرون، أحلم بأن ارى سيارة عربية مائة في المائة، وان نتجاوز صناعة تجميع السيارات الاجنبية إلى إنتاج سيارة عربية خالصة، من الالف للياء، يصنع كل شيء فيها في أي بلد عربي، وان تكون هذه السيارة العربية منافسا قويا لإنتاج مصانع السيارات الأميركية والاوروبية واليابانية والصينية والكورية وغيرها، وان تجتاح هذه السيارة العربية اسواق السيارات العالمية، وأولها السوق العربي الشره بطبعه لاستهلاك السيارات واقتنائها انواعا واشكالا، ولكن هذا الحلم اشبه بحلم ليلة صيف، خاصة بعد ما طالعته وسمعته عن السيارات الكهربائية التي عرفت طريقها مؤخرا إلى شوارع عواصم عربية، واصبحت تباع باسعار منافسة للسيارات البترولية، حتى ان احدى الدول العربية صارت حديثا تغري مواطنيها بهذه السيارات الكهربائية بإعفائها من الجمارك، ما يعني ان تصنيع سيارة طاقتها بترولية اصبح تفكيرا مهجورا وغير عملي، بعد هذا التوجه العالمي للتوسع في إنتاج السيارات الكهربائية، ويبدو لي ان الرئيس الأميركي دونالد ترامب تنصل من اتفاقية باريس للمناخ، لانه يدرك ان سببا رئيسيا في تلويث المناخ بالعالم، هو الاعتماد على وقود النفط في السيارات، وهو سبب زائل، لان ثورة حاصلة وقريبة في إنتاج السيارات الكهربائية، ستعيد المناخ العالمي إلى صفائه ونضارته ونقائه، وان خبراء في تصنيع السيارات يسهرون في ولاية كاليفورنيا على ذلك، وقد تفاجئنا مصانع هذه الولاية الأميركية قريبا بما هو مذهل وعبقري في مجال صناعة السيارات الكهربائية، ولهذا فان كان حلم إنتاج سيارة عربية خالصة قد انفرط من مخيلاتنا، فانه يتعين علينا ان نبدأ من حيث انتهى العالم، أي ان يعمل مهندسونا وخبراؤنا العرب على إنتاج سيارة كهربائية عربية مائة في المائة لنثبت حضورا في هذه الثورة التقنية والمواصلاتية التي باتت تشغل العالم، بعد غياب دائم وبشع عن تصنيع سيارة عربية تعمل بوقود البترول.
العالم، إذًا، جاد في توجهه إلى السيارات الكهربائية، وهنا يتعين علينا ان نأخذ في اعتبارنا مستجدات سوف تترتب على هذا المتغير، وأولها: ان العالم سوف يستغني عن بعض نفطنا ولو تدريجيا، فهناك دراسة نشرتها مؤسسة بلومبرج لتمويل الطاقة الجديدة تفيد أن مبيعات السيارات الكهربائية سوف تتجاوز مبيعات السيارات التي تعمل على البنزين والديزل بحلول عام 2040، ولهذا فقد ينطفئ نسبيا بريق الذهب الاسود، وهو ما سيكون له تداعيات اقتصادية ثانيها: اننا يجب ان نبدأ من الآن في عالمنا العربي ابحاثا طموحة وجادة لإنتاج سيارة عربية كهربائية مائة في المائة، وانه يجب علينا ايلاء هذه الابحاث اهتماما كبيرا، حتى لا نظل في سوق السيارات بالعالم مجرد زبائن مستوردين ومستهلكين طول الوقت. وثالثها: انه يتعين علينا ايضا ايلاء إنتاجنا من الطاقة الكهربائية اهتماما كبيرا، خاصة وأننا مقبلون على زمن ستحل فيه الكهرباء محل النفط في تشغيل السيارات.

بقلم : حبشي رشدي
copy short url   نسخ
10/04/2018
1806