+ A
A -
دَخَلَ النبيلُ الفرنسي لِيَنْتَفِضَ بين يَدَيْ زوجتِه وهو يُطْلِعُها على الخبر الصادِم قبل أن يَرْتَمِيَ في حضنها. ما الخبر؟! لا شيء أكثر من أن العَرَّاف يُسِرُّ إليه أن زوجتَه تَخونُه مع أقرب أصدقائه.
هل تُصَدِّقُه الزوجةُ؟! لن تُصَدِّقُوا! فهي التي تَسأل زوجَها إن كان قد صَدَّقَ العرافَ، وهكذا يقول لها: طبعا لا. لكن الزوجَ يَتَرَدَّدُ قليلا قبل أن تَلتوي الكلماتُ في فَمِه، فالعرافُ يقول له إنه سَيُقَدِّمُ له الدليل على خيانتها: الزوج المسكين سيتحول إلى قطة.
لكن هل تَتَحَرَّكُ غريزةُ الخوف عند الزوجة؟! صَدِّقوا أن الزوجةَ لا تُبالي. وفي صباح الغد تَستيقظُ الزوجةُ مذعورةً فتَبكي وتَنكسرُ طالبةً الصفحَ والغفران مُعتَرِفَةً بخيانتها ونَدَمِها بينما تَنام بجانبها على السرير قطة حَلَّتْ مَحَلَّ زوجها.
أمام ثورة الندم التي تُعْلِنُها الزوجةُ المستسلمة لِقَدَرِها يَخرجُ من وراء الستائر الزوجُ الثائر، إنه الزوجُ الذي بَيَّتَ لزوجته نِيةَ فَضْحِها ليُشهِرَ السلاحَ في وجهها ويَتخلص منها بعد أن مَثَّلَ عليها دورَ الضحية.
غير بعيد عن الحكاية الأولى تَقول حكاية ثانية إن زوجةً حسناء مُدَلَّلَة تُداعِبُ زوجَها بلسان الرغبة في أن يُحَقِّقَ لها أمنية. ما الأمنية هذه؟! لا شيء أكثر من أنها تَبحث عن فكرةِ هديةٍ قَلَّ نظيرها لِتُدْخِلَ بها السرورَ على قلب أَعَزِّ صديقة لديها بمناسبة حفل زفافها.
الزوجُ العاشق لزوجته يُفَكِّرُ، ثم يَهْمِسُ في أُذُنِها: «وهل تُريدين أن تُقَدِّمِي لصديقتك أجملَ هدية؟!»، تُجيبُ الزوجةُ: «بالتأكيد أُريد»، فيَقول الزوجُ: «ليس أمامكِ إلا أن تُقَرِّرِي عدمَ الذهاب إلى حفل الزفاف».
تَتساءلُ الزوجةُ مذهولةً: «كيف يَتِمُّ هذا؟! ولماذا؟!»، فيَردُّ الزوجُ بثقةٍ: «صَغيرتي، لَسْتِ في حاجةٍ لِأَقولَ إِنَّكِ أجملهُنَّ، وإذا وافَقْتِني على أن تَبْقَيْ في البيت يوم الزفاف فإنكِ ستَسمحين لصديقتكِ بأن تَكونَ الأجمَل في الحَفل، وهذه أغلى هدية تُقَدِّمينها لصديقتكِ».
للتو تَقفزُ الزوجةُ فَرَحاً، وتُعانِقُ زوجَها تعبيرا عن شكرها له وتقديرها لفكرته الرائعة، ومن ثمة تُقَرِّرُ البقاءَ في البيت، في حين أن الزوجَ الداهية يُمَثِّلُ عليها بِمَكْرٍ، وتَنْطَلي عليها الحيلةُ، فهو يُريدُ أن يَتَمَلَّصَ مِن دَفْعِ ثَمَنِ الهدية، ولا يُريد أن تُكَلِّفَهُ زوجتُه ثمنَ الفستان الذي ستَرتديه في الحفل، كما لا يَنتظر من زوجته أن تُغادرَ البيتَ لِأيّ سببٍ غيرةً عليها.
ومن الحكايتين يَبدو جَلِيا أنَّ في وسع أيّ إنسان أن يُمَثِّلَ، لكن لِنَتَّفِقْ على أننا نُمثِّل لا لِنَسْرقَ الأضواءَ كما يَحصل مع نجوم الفن، وتحديدا المرأة، المرأة التي ما أن تَزهدَ فيها النجوميةُ في سماء السينما حتى نَجِدها تَبحث عن أن تُصبِحَ بطلةَ فيلم الإعلام، ونَخصُّ بالذِّكر الإعلام الفاضِح الذي تَتَجَنَّدُ له المناضِلاتُ باسم «لا للتحرش» بعد سُقوط نِظام «نَعَم» الذي تَسقط معه المكاسِب ويَسقط معه بالْمِثل فُستان الشُّهرة والمجد الزائف مُوَازَاةً مع الرقص على حبل العواطف.
نافِذَةُ الرُّوح:
«أَعِرْنِي حصانَكَ يا زمن لأَكْسِرَ سيقانَه حتى لا يَمُرَّ مرةً أخرى بِدُوني».
«بَين الحاء والباء قَصيدةُ غَزَل ولَحْنُ حَياة».
«اِنْتَظِرْ، اِنْتَظِرْ يا شَوقَه، واكْتُبْنِي رسالةً يَزفّها القلبُ إلى عواصِم عالَم الغَدِ».
«أسوارُ الأَلَم يَكْسِرُها الأَمَلُ.
«قُبْلَةُ شِفاهِ الحُبّ تَمْحُو قَسْوَةَ أَصَابِع الزَّمن».
«اَلْخَوْفُ مِنَ الْمَجْهُول مَصَّاصُ دِماء».
«جَوارِبُ الحُزن الضَّيِّقَةُ تُدْمِي سِيقان الرغبة في الحياة».

بقلم :د. سعاد درير
copy short url   نسخ
05/04/2018
3137