+ A
A -
قيل للحسن البصري: إن فلانًا لا يعظُ الناس.. ويقولُ أخافُ أن أقول ما لا أفعل!
فقال الحسن: ومن منا يفعل ما يقولُ؟! ودَّ الشيطان أنه قد ظفر بهذا!
لم أبدأ المقال بهذه القصة لأقول:
لا بأس في أن نكون متناقضين، وأن نفعل ما يحلو لنا، المهم أن نقول قولًا سديدًا! ما هكذا يكون الاستدلال، ولا من هنا تُؤكل الكتف، ولا هكذا تُورَدُ الإبلُ يا سعد!
أيضًا لا يُستنتج من القصة أن على الجميع أن يكونوا وُعَّاظًا! الفكرة أن لا يمنعك الخطأ عن قول الحق، أو على الأقل إن لم تستطع قول الحق فلا تصفق للباطل!
يقول عبد الله بن أحمد بن حنبل:
كثيرًا ما كنتُ أسمع أبي يقول: اللهم ارحم أبا الهيثم، اللهم اغفر لأبي الهيثم!
فقلتُ له: ومن أبو الهيثم يا أبي؟
فقال: لمَّا سجنوني في الليلة التي في صبيحتها جَلْدِي أمام الناس، وكزني رجل وقال: أنت أحمد بن حنبل؟
قلت ُ: نعم
قال: أتعرفني؟
قلت: لا
قال: أنا أبو الهيثم، اللص، شارب الخمر، قاطع الطريق، مكتوب في ديوان أمير المؤمنين أني جُلدت ثمانية عشرة ألف جلدة متفرقة، وقد احتملتُ هذا في سبيل الشيطان، فاحتمل أنتَ في سبيل الله يا أحمد!
فلما جلدوني كنتُ أتذكر كلامه فأصبر!
حتى وإن لم تكن من المصلحين فلا تكن ضدهم.
حتى وإن كنتَ غارقًا في المعصية فلا تكن ضد أهل الطاعة.
حتى وإن سرقتَ فلا تقل إن الذين لا يسرقون جبناء، الأمانة تحتاج شجاعة أكثر مما تحتاجه السرقة!
حتى وإن زنيتَ فلا تقل إن الذين لا يزنون ليس لديهم شهوات ثمة أشخاص يتركون الأشياء لله فقط!
حتى وإن هجرتَ المساجد فلا تقل إن روادها يتصنعون التقوى!
حتى وإن شربتَ الخمر فلا تقل إن الذين لا يشربونها ليس لديهم مزاج، ثمة أناس مزاجهم في الله ولله ومع الله!
حتى لو مشيتَ بالنميمة بين الناس فلا تقل إن الذين لا يمشون بها لا يعرفون ثمة أشخاص لو أرادوا أن يخربوا مدينة لخربوها!
حتى إن لم تتحجبي فلا تقولي إن الحجاب تخلف ورجعية!
حتى إن لم تطيعي زوجك فلا تقولي إن التي تطيع زوجها ضعيفة شخصية!
حتى إن لم تقف ضد الظلم فلا تقل إن الذين يقفون ضده دعاة فتنة!
حتى وإن لم تطالب بحقك فلا تقل إن الذين يطالبون بحقهم يخربون أوطانهم!
الخطأ سمة بشرية، ارتكبناه في السماء قبل نزولنا إلى الأرض، وسنبقى نرتكبه حتى ينفخ إسرافيل في الصور نفخته الأولى، الملائكة يسكنون السماء لا الأرض، نحن ذرية آدم نسكنها، وعندما أخطأ عاد ورجع، إبليس هو الذي عندما أخطأ استكبر، وكان ضد الحق فقط لأنه لم يستطع أن يكون معه!
بقلم : أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
29/03/2018
3473