+ A
A -
«في أَيّ رصيف سَأُمَدِّدُ جسدي الْمُتْعَب وأيّ حجر أَتَوَسَّد وبِأَيّ سقفٍ آيِل للسقوط سَأَحْتَمِي من البرد ومِنْ أَيّ بابٍ بعيداً عن باب الرحمة سَأَنْتَشِلُ كِسْرَةَ خُبْزٍ تَكتم صرخةَ فمي الهارِب صوته وإلى أَيّ جحيمٍ وهاويةٍ سيَقُودُني سِرْبُ أحلامٍ يُحادثني بِلُغَة الكوابيس؟!
أنا المطرودةُ مِن جنة الدنيا إلى مَنْ أَشْكو رحيلَ بحرِ الحُبّ، إلى مَنْ أشكو سقوطي في بئر الحرمان، إلى مَنْ أشكو تَمَزُّقَ قميص طفولتي بِيَدِ الزمن القاسي، إلى مَن أشكو قطعةَ لحمٍ مُفَحَّمَةٍ لا أُصَدِّقُ أنها لحمي الذي تَجلده الأيامُ الهاربة مِن يوميات عمري؟!
يَسأل عني سُورُ الحُزْن الواقف قُبَالَتِي، تَسْأَلُ عني الجدران المتداعية مِن فرط قسوةِ مناخِ جَوِّ حياتي، يَسأل عني الليلُ الذي يَتَشَرَّفُ بِسَواد نَظْرَتي إلى الحياة، يَسأل عني فَمُ الريح التي لا تَكُفُّ عن الصراخ في وجهي غير آبِهَةٍ بذُهولي حتى الصدمة، ولا أَحَد، لا أَحَد يَسأل عني.
الألم يَكتبني قصيدةَ رثاء، الموتُ يَعِدُنِي كل ليلة بزيارة لكنه لم يَضرب لي موعداً بَعْدُ، اليأسُ عُودُ ثقاب يُشعِلُ غابةَ أحلامي المؤجَّلة، واليُتْمُ ممحاة تُزِيلُ خطوطَ إحساسي بالحياة وتُبَدِّدُ ألوانَ الدفء التي تَصَوَّرْتُ واهِمةً أنها تَليقُ بِلَوْحَة حياتي.
الطريقُ إلى الفَرَح أَضَعْتُه، وملامح الخطوة الموالية مُسْتَقْبَلي غامِض دونها، ووردةُ الحُبّ التي اجتذبَني عِطْرُها مَنْ أَلْقَى بها في قُمامة صُندوق الأيام التي كلما وَعَدَتْكَ بحضن تزكمُك رائحةُ حقيقتِها النَّتِنَة! وبِساط الصمت تَمَلَّصَ هارباً مِن شهرزاد الحِكاية بعد أن وَعَدَنِي برحلة بين غَيْمَتَيْن!
(مساء الحُزن يا صغيرتي)، يَقولُ القمرُ الشاهد على قِلَّةِ صَبْرِ روحي التي مَرَّغَها الزمنُ في تراب النسيان، فتُجيبه رعشاتي بلسان الثقوب التي أَحْدَثَها الشتاءُ في لحمي على امتدادِ رحلتي في كوكبِ أرضٍ بارد.
كم مَرَّةً تَصَوَّرْتُ مَلَكَ الموت قريباً مِني وأنا أستَسلِم لِقَدَرٍ رَفَضَ أن يَسْتَسْلِمَ لرغباتي في أَنْ أَقْطفَ تِينَ الأمل الناضِج أو أن أَعْصر عنبَ الدفء أو أن أَحْصد صحراءَ الحنين إلى زمنٍ لا أَضِيعُ فيه ولا يَضيع بعيدا عَنْهُ صوتي!
لَكَ يا قلب ليلِ الحزن سَلام، وأنا الليلةَ سَأَنام، سأنام على سرير الانتظار، سأنتظر شمسَ غَدٍ تُشْرِقُ لِأُلَوِّنَ وَجْهَ الحياة بابتسامةٍ تَقول وتَقول وتَقول، أنا شهرزاد الحكاية سأُؤَجِّلُ كتابةَ نهاية الحكاية التي تُفَصِّلُنِي على مقاس البطولة...».
ذاك تَصوير حالةِ فَقْرٍ أنهكَها بَرْدُ الزمن وأَتْعَبَها الحُلْمُ بِسَرير دافئ ووسادة ناعمة ويَدٍ طاهرة تَمسح عنها جوعَ الحياة. فَقْرُ الجيبِ مقدور عليه مع شيء من الصبر والقناعة والزهد والتسليم، لكنَّ الفَقْرَ بحقٍّ إلى حَدّ اليأس مِن تجاوزه هو فَقْرُ العقل في غيابِ الحكمة والوعي والرؤية السديدة، وفَقْرُ القلبِ في غيابِ المشاعر النبيلة والإحساس بالآخرين، وفَقْرُ الذَّوْقِ والأخلاق على حافةِ مَأْزِقٍ تاريخي شَتَّانَ فيه بين الانتكاسة والانعتاق.
نافِذَةُ الرُّوح
«نَبْتَةُ الوفاءِ لا تَحتاج إلى مَوْسِم مَطَر القَلب لِتَكبرَ».
«نَمْ يا وَعْدَهُ في غرفة قلبي الدافئة، وأنتِ يا وُرودَ الحُبِّ لَوِّنِي حياتَه بِعِطري».
«أَقْسَمْتُ أَنْ أُفَصِّلَ مِن ثَوبِ انتظارِهِ لي مَناديلَ تَكْفِي لِلَمْلَمَة دموع أَيَّامِي».
«تِيجان الرغبة في مُعانَقةِ طفولةِ حُبٍّ شَقِية نَصَبَتْنِي أميرة اليوم بِلِبَاس ألف ليلة وليلة».
«صَدِّقْ يا نهرَ الحياة أنَّ ضِفافي تَخونُها الرغبةُ في حضنكَ عندما يَكفُرُ بكَ إحساسي!».
«مُنْذُ حُزْنٍ وَمِجْدَافَيْن وأنا أَتَعَلَّمُ فَنَّ الغَرَقِ نَجَاةً مِنْ قَبْضَةِ البَحْرِ».
«عُيونُ قَلبي لا تَفْتَحُ نَوافِذَها إِلاَّ لِتَراكَ».
بقلم : د. سعاد درير
copy short url   نسخ
29/03/2018
4143