+ A
A -
كنت أتهيأ لأحتفل مع روح محمد الفاتح وروح معاوية ابن أبي سفيان وروح الصحابي أبو أيوب الأنصاري وروح قائد الجيش فضالة بن عبيدالله الأنصاري هناك على عتبات «أيا صوفيا»، لكن لظروف تم إلغاء الرحلة.. وعدنا من أبواب مطار الدوحة.. كثيرون يتوقفون عند فتح القسطنطينية ولماذ ذهبنا إليها لننشر ديننا وفيها دين مسيحي؟، وهذا ليس مجاله هنا.. فالرسالة المحمدية رسالة عالمية وأمره الله بإبلاغها للكون.. فمن تقبلها كان به، ومن لم يتقبلها كان به، وأما من قاومها بالسيف فليقاوم بالسيف.. وكثيرون من البطاركة منه صفارنيوس القدس إلى بطاركة المدن الشامية تقبلوا الدعوة وعقدوا اتفاقيات صلح.. وبقوا على دينهم وباتوا أهل ذمة، لكن القسطنطينية كانت عصية، حيث كانت أولى المحاولات لفتحها عام 49 هجرية في عهد معاوية بن أبي سفيان خليفة المسلمين في الدولة الأموية بقيادة فضالة بن عبيدالله الأنصاري ولكن المسلمين لم يحرزا انتصارات حاسمة بعد محاصرة المدينة اضطروا لفك الحصار والعودة بعد موت الصحابي أبو أيوب الأنصاري، وكانت المحاولة الثانية عام 54 هجرية كانت مناوشات بحرية واستأنف الزحف في عهد سليمان بن عبدالملك ولكن توفي في أثناء الحرب والحصار وتولى عمرو بن عبدالعزيز الخلافة فأرسل للجيش بفك الحصار والعودة بعد ذلك انتهت وخمدت المحاولات الإسلامية لفتح المدينة قرونًا طويلًا حيث انقسمت الخلافة إلى دول وقامت دويلات على إطرافها ثم تعرض المشرق للغزو المغولي من التتار وبدأ العهد العثماني وقد فكر السلطان بايزيد الأول في حصار المدينة ولكن اضطر لعقد مصالحة مع عمانوئيل باليويوك.
في التاسع والعشرين من مايو تمكن المسلمون بقيادة محمد الفاتح ابن الحادية والعشرين من عمره من فتح مدينة القسطنطينة محققا حلم رسول الله صلوات الله عليه وسلم في أن رجلا اسمه محمد هو من سيتولى فتح هذه المدينة التي كانت عاصمة للدولة البيزنطية وفيها مقر أكبر كنيسة في أوروبا وهي «أيا صوفيا» التي أصبحت أكبر مسجد بعد بناء أربعة مآذن وقبة وتوسعة صحنها لتتسع إلى خمسة آلاف مصلٍ، ولكن بعد انتهاء حكم الخلافة العثمانية عام 1922 حولها كمال أتاتورك إلى متحف.. ويطالب مسلمو تركيا اليوم بالسماح لهم بالصلاة فيها..
كنت أتمنى أن أقف مع أرواح أولئك الذي أقاموا دولة عثمانية أقيمت على معظم قارات العالم القديم أوروبا وإفريقيا وآسيا..
**
قلت لتركي.. كل عام وأنتم بخير في ذكرى فتح القسطنطينية، فلم يجب.. ظننت أنه لم يفهمني.. فاستعرت كلمات تركية فلم يجب.. ثم فاجأني بقوله وبالعربي الفصيح: لقد خان العرب الدولة العثمانية.. وتركوها لقمة سائغة في يد العلمانية.. لصالح الإمبراطورية البريطانية.. فهل يعيد التاريخ نفسه؟
خجلت.. وقلت الزمن تغير..

بقلم : سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
29/05/2016
1599