+ A
A -
سيؤدي تعيين جون بولتون بعد إقالة هربرت مكماستر كمستشار الأمن القومي، لمزيد من الأجواء العسكرية والهجومية التي تسيطر على إدارة الرئيس ترامب، فبولتون من صقور إدارة بوش الابن، وهو بطبيعة الحال مؤيد لإسرائيل بتعصب ومعاد للاتفاق النووي مع إيران بحدة ومؤيد للأكراد باتجاه تفتيت الإقليم، ويعتقد بإمكانية ادامة القوة الكونية الأميركية من خلال استخدام القوة. من خلال بولتون تكون هذه الإدارة خاصة بعد تعيين وزير الخارجية اليميني بومبيو منذ أيام هي الأكثر يمينية في تاريخ الولايات المتحدة. من ينظر لإدارة ترامب المتوترة يهاله حجم من استقالوا وأقيلوا منها، فقد تجاوز العدد الستة عشرة شخصية أميركية وذلك قبل أن تكمل الإدارة عامها الثاني.
القادم من الأيام يعدنا بأحداث كثيرة، وشهر مايو 2018 يحتمل انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، وذلك قبل التوقيع على قرارات بإعفاء إيران من العقوبات، لكن ذلك التحول سيفتح الباب لسلسلة تطورات منها ان إيران ستسعى(في حال الغاء الولايات المتحدة للاتفاق) لتطوير القدرات النووية، وهذا سيفعل من خطر المواجهة العسكرية مع الولايات المتحدة وإسرائيل.
وقد تكون سوريا بالإضافة لإيران مصدرا لمواجهة قادمة تبدأها الولايات المتحدة وإسرائي، هذه احتمالات تعكسها التعيينات الجديدة، ولا يوجد اية ضمان بأن كل من إسرائيل والولايات المتحدة سيحققان أيا من اهدافهم في حرب قادمة. احتمال تكرار سيناريو حرب 2006 ضد حزب الله والفشل الإسرائيلي آنذاك يبقى قائما. حروب الشرق ستستمر كما وستتجدد بسبب غياب روح الحل الوسط والمساومة بين قوى مختلفة في الإقليم والعالم، فالنظام السوري لا يزال يشن حربه ويريد انتصارا شاملا لا يملك تحقيقه، والولايات المتحدة تعتقد بأنها قادرة على توجيه ضربات تحمي مصالحها الإقليمية ومصالح إسرائيل، وإسرائيل تشعر ان لديها القوة لتصفية حسابها مع من تعتبرهم خطرا على الميزان الاستراتيجي للإقليم كحزب الله وإيران وتركيا، كما تعتقد إيران ان بإمكانها إدامة مكتسباتها في سوريا واليمن والمنطقة العربية والعراق، بينما تعتقد روسيا بأنها باقية الآن في الإقليم العربي وسوريا للأبد، كما أن الصراع حول حرب ليبيا واليمن مستمر بلا توقف.
وهناك سعي في منطقة الخليج من قبل السعودية بالتحديد لتقوية التحالف مع الولايات المتحدة للحد من نفوذ وقوة إيران. كل هذه التناقضات ينبأ بسلسلة من الصراعات خاصة وان الحوار والعقلانية والحلول الوسط ليست متضمنه في أي منها.
ويقع كل هذا بينما النظام العربي يفتقد للكثير من الشرعية وتمتلئ سجونه بالنشطاء والمعارضين والقادة والناقدين، فبالرغم من طبيعة الحروب في المنطقة، فإن المشكلة الأعمق هي تلك التي يعاني منها النظام العربي، فهو يتخبط في الداخل والخارج، وهو مستنزف في حروب مفتوحة. مشكلة النظام العربي الأهم تتلخص بالاستئثار بالحكم بعيدا عن شرعية الشعوب وصناديق الاقتراع أو حتى شرعية الإنجاز، وفي المقابل فإن الدول الكبرى والولايات المتحدة على الأخص تتعامل مع بلادنا بصفتها أرض حرب وعنف ومكانا للاستحواذ على المال وحماية إسرائيل.
بقلم : د. شفيق ناظم الغبرا
copy short url   نسخ
27/03/2018
2029