+ A
A -
أتصور أن سيرة هذا العالم الشخصية، وليس منتجه العلمي بالغ التقدم والعبقرية، يجب أن يقرأها بوعي أولياء الأمور، وأن تدرس أيضا للتلاميذ في مدارسنا.. عن عالم الفيزياء البريطاني الأشهر ستيفن هوكينغ الذي رحل عن عالمنا قبل أيام أتحدث.
ربما تغير السيرة الشخصية لهذا العالم صاحب العقل الاستثنائي، حسب وصف رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي، مفاهيم رسخت وتكلست في عقولنا جيلا بعد جيل عن التفوق التعليمي، بل عن تعليم أبنائنا، على كافة الأصعدة والمستويات. تلك المفاهيم التي تعد واحدة من أهم هذا الانهيار التعليمي الذي تشهده العديد من الأقطار العربية خاصة، و«العالمثالثية» بشكل عام.
خذ عندك مثلا.. إنه وبينما تصرخ الأم العربية ألما، وتكتئب همّا حزنا، ويثور الأب ويرغي ويزبد، ويهدد ويتوعد، ويضرب أخماسا في أسداس، لأن ابنه أو ابنته، لم تحصل على الدرجات النهائية في اختبار الشهر، أو امتحان نهاية العام، وفق نظامنا التعليمي التلقيني البائس، فإن هذا العالم الفذ صاحب كتاب تاريخ موجز للزمن الصادر عام 1988 والذي بيع منه عشرة ملايين نسخة، متوسط التحصيل التعليمي. أي أن درجاته في اختبار الشهر و«الميد تيرم» و«التيرم» لم تكن تتجاوز الستين بالمائة!.
أيضا فإن الرجل الذي يقارن بأينشتاين، أصيب وعمره 21 عاما بمرض الأعصاب الحركية أو التصلب الجانبي، وتوقع الجميع وفاته وقتها، لكن معجزة ما حدثت واستمر في الحياة، على كرسي متحرك. ومن فوق كرسيه المتحرك، ودون صخب القول، أنجز نظريات علمية، تعجز ملايين الأصحاء.
يقول هوكينغ عن هذه الفترة: «عشت مع احتمال الموت المبكر خلال 49 عاما.. أنا لا أخاف الموت ولست مستعجلا عليه لأن لدى الكثير لأفعله أولا».
أقوال هوكينغ أيضا تستحق القراءة والدراسة، فعندما يقول مثلا «الأشخاص الذين يتباهون بذكائهم أشخاص خائبون» فهي حكمة بليغة يجب أن يعيها من يتباهون ويتفاخرون بخوائهم وفراغهم العلمي والفكري.
ومن مقولاته أيضا: «تذكر أن تنظر إلى السماء صوب النجوم لا نحو الأسفل عند حذائك، وحاول أن تفهم ما ترى، وتتساءل عما يجعل الكون موجودا، ومهما قد تبدو الحياة صعبة فهناك دائما شيء تستطيع أن تفعله وتنجح فيه، المهم ألا تستسلم».
تستحق سير العباقرة أن نتوقف عندها مليا، مستخلصين حكمها وعبرها، فأحيانا تكون مسيرتهم الشخصية أكثر إلهاما – وليس أهمية – من منتجهم العلمي.

بقلم : محمود عيسى
copy short url   نسخ
18/03/2018
2453