+ A
A -
تتشدق إسرائيل وتتباهى أمام دول الغرب بأنها واحة الديمقراطية في شرق أوسط غير ديمقراطي، فهكذا تفتخر إسرائيل بديمقراطيتها، ولكنها لا تستطيع أبدا أن تفاخر بشفافية الحياة الاقتصادية فيها، فالفساد يضرب في المجتمع الإسرائيلي من قمته إلى أخمص قدمه، إذ أن بنيامين نتانياهو، إيهود باراك، أرييل شارون وإيهود أولمرت. أربعة رؤساء وزراء حكموا إسرائيل لفترة تزيد على 20 عاما، خضعوا خلالها جميعهم إلى تحقيقات الشرطة بسبب الفساد، وبعضهم صدرت ضده أحكام سجنية يقضيها خلف القضبان، وليس الأمر قاصرا على رؤساء حكومات، بل ووفق تقرير لصحيفة إسرائيلية يشمل هذا الفساد وزراء وأعضاء كنيست وموظفين في دوائر حكومية.
ومن المعروف أن الفساد والفاسدين لا يخشون على فسادهم إلا من الديمقراطية وما توفره من أجهزة رقابية نشطة، فالأخيرة «قبس من نور»، وهم يحلو لهم العبث في الظلام، ولهذا فإن الفساد الذي يعيش رغم الديمقراطية، هو أشبه بالميكروبات التي تتكيس أو تتحوصل حتى تعيش في مواجهة الأدوية والمضادات التي تصارع داءها، كما إنه فساد يكون له ناب أزرق كما يقال، أي إنه فساد ضليع وخبير وله ماضٍ.
وما يجدر ملاحظته أيضا أن فساد رؤساء أربعة رؤساء حكومات إسرائيلية اقترن بتصريحات «شمشونية» لكل منهم، كما اقترنت سيرتهم بافتعال أزمات ساخنة، ليثبت لاحقا أن ذلك من باب التغطية على فسادهم، وإثبات أنهم شديدو الإخلاص لمواقعهم وأدوارهم، ولهذا فإن الحناجر الزاعقة والمرتفعة تكون عنوانا لشيء ما يجري في الظلام، مثلما أن الفساد في ذاته عرض لمرض عضال، وربما دلالة على خوف متفشٍ في المجتمع الإسرائيلي من مستقبل غامض، مما يدعو إلى الهروب من الحاضر بارتكاب الفساد.

بقلم : حبشي رشدي
copy short url   نسخ
12/03/2018
1694