+ A
A -
عادة ما واجهت القمم العربية إشكالية الدولة المستضيفة، وتسببت في أحيان كثيرة بتأجيل انعقادها أو نقلها لعاصمة عربية أقدر على جمع القادة العرب دون حساسيات.
قمة الرياض المقررة نهاية الشهر الحالي تواجه ذات الإشكالية، وفي الكواليس الدبلوماسية حديث عن تأجيل انعقادها أو ترحيلها لدولة أخرى أو دولة المقر، أي القاهرة، حيث تقيم الجامعة العربية.
من بين الحساسيات التي تواجه قمة الرياض علاقاتها المتوترة مع دول عربية وخليجية في مقدمتها قطر. السعودية على ما تقول مصادر دبلوماسية لن توفد مبعوثيها لبعض الدول لتسليم دعوات القمة. المقترح البديل هو أن تقوم الجامعة العربية بالمهمة نيابة عن السعودية.
في الحالتين هناك على ما يبدو تحفظ سعودي على مشاركة زعماء بعض الدول في أعمال قمة الرياض. وفي الحالتين أيضا يعتقد أن دولا مثل قطر لن تفوت فرصة المشاركة، وهنا مكمن الحرج بالنسبة للرياض ومن يساندها من دول الحصار، التي امتنع قادتها عن حضور قمة مجلس التعاون الخليجي الأخيرة في الكويت فيما حضر صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر.
في كل الأحوال تبدو الرياض غير مؤهلة لاستضافة القمة بسبب علاقاتها المتأزمة مع محيطها العربي والخليجي.
من جديد ستطرح إشكاليات التمثيل العربي في القمة؛ سوريا المستبعدة وليبيا الممزقة بين حكومات عدة، واليمن التي تتنازع عليها الشرعيات في عدن وصنعاء. ولا ننسى التوتر في العلاقة بين الرئاسة اللبنانية والقيادة السعودية على خلفية أزمة احتجاز الحريري والموقف من حزب الله اللبناني قبل أشهر.
ولا تقف المشكلة عند حدود التمثيل، إنما تتعداها لتطال المواقف والأولويات السياسية. تيار عربي يريدها قمة ضد إيران، وتيار آخر لا يرى بديلا عن قضية فلسطين كأولوية أولى للعرب، وبينهما ملفات سوريا وحرب اليمن وفوضى ليبيا، والصراعات المشتعلة على جبهات عربية عدة.
يمكن للدبلوماسية العربية أن تتوصل لتسويات تضمن الحد الأدنى من التوافقات. مجرد قمة لساعات تنتهي ببيان تقليدي كسائر القمم، وبعدها يعود العرب إلى خنادقهم ومحاورهم وكأن شيئا لم يكن.
القمم العربية في العموم هي مجرد حدث عابر ليس من قبله أو بعده شيء يمكن تذكره أو تلمس أثره.
قمة البحر الميت الأخيرة في الأردن صاغت برنامج عمل حدد أولويات العرب وتحدياتهم، لكن مفعوله تلاشى مع مغادرة القادة قاعة الاجتماع.
النظام العربي الرسمي من الضعف لدرجة صار يقبل معها بالحد الأدنى من المواقف في مرحلة تستدعي أعلى درجات الجهوزية والتضامن لمواجهة تحديات تهدد وجود الأمة على الخريطة العالمية.
ليس هناك فرصة متاحة حاليا لإنقاذ النظام العربي من السقوط. وبهذا المعنى لم يعد للقمم العربية قيمة أو معنى. ينبغي التفكير بآلية جديدة لإدارة صراعات المنطقة العربية وتسويتها.
هناك شركاء إقليميون يلعبون دورا في المنطقة أكثر تأثيرا من العرب، لابد من محاورتهم ومفاوضتهم لبناء شراكة على أسس جديدة.
يمكننا في هذا الصدد التفكير بإطار يجمع دولا عربية مؤثرة وفاعلة مع إيران وتركيا لبحث أزمات المنطقة وطرق حلها بما ينسجم ومصالح جميع الأطراف، وخلق آليات للتعاون المشترك في ميادين الاقتصاد والتنمية والتجارة والأمن.
ما المانع في ذلك؟ ولماذا نتمسك بأطر فارغة ونتجاهل القوى المؤثرة؟
بقلم : فهد الخيطان
copy short url   نسخ
09/03/2018
2360