+ A
A -
مع تعدد اللاعبين في فضاء سوريا السياسي، وتنوع المصالح التي يرغب كل طرف بتحقيقها، ورغم عدد الضحايا المتزايد من مدينة إلى أخرى في سوريا، تتبدد الآمال بوجود سياسة خروج من هذه الأزمة توقف شلال الدماء في سوريا. مع اقتراب الأزمة من عامها السادس يظهر جلياً جملة من المعطيات السلبية لما وصلت إليه الأزمة.
أولاً يبدو جلياً أن تعدد الأزمات والانشغالات السياسية لدول عديدة في الغرب والولايات المتحدة، قد رفعت يدها إلى حد كبير من متابعة الأزمة، ويظهر أن الملف برمته في اليد الروسية التي أشركت معها إيران وتركيا بسبب ضرورات الجغرافيا السياسية، وتجنب الانفراد في الملف الذي يعد مكلفا سياسياً وعسكرياً واقتصادياً. هذا التفرد الروسي إلى حد يكاد يكون عبئاً على روسيا في ظل غياب سياسة خروج مشرفة تضمن المصالح الروسية المستقبلية. ذلك أن مستقبل سوريا السياسي يعتمد فيما إذا كان بشار الأسد سيبقى في الحكم، وإذا ما بقي في الحكم فمن غير المرجح أن يكون هناك أي عملية اعادة إعمار في سوريا، فالدول التي تريد التبرع للإعمار تكاد تُجمع على أن التغيير السياسي للنظام ضرورة بعد الجرائم التي ارتكبها النظام والانتهاكات التي أصبحت تعتبر جرائم حرب.
ثانياً: الفشل الذي مُنيت به ظاهرة المؤتمرات التي كانت تعقد بهدف حل الأزمة السورية انطلاقاً من جنيف مروراً بالاستانة، ووصولاً إلى سوتشي، تظهر بوضوح غياب توافق على الحد الأدنى للحل السياسي في سوريا، هذا الغياب جعل تلك المؤتمرات اجتماعات للعلاقات العامة أكثر منها سبيلاً لإيجاد حل سياسي. من جهة أخرى ضاعفت تلك المؤتمرات من الانقسام بين المعارضة السورية، كما أنها أثبتت لتلك المعارضة غياب الإرادة السياسية للحل من قبل دولة راعية لتلك الجهود مثل روسيا، وغياب التأثيرات من دول أخرى سواء أوروبية أو الولايات المتحدة الأميركية.
ثالثاً: تباين الأولويات بين كل من روسيا وتركيا وإيران حول التطورات في سوريا. فالدول الثلاث تبدو مختلفة على الخطوة الأولى التي يجب القيام بها لحل هذه الأزمة، هل تكون وقفا كليا لإطلاق النار أم بحث مستقبل بشار الأسد؟ الأهم ربما هو أن ثمة أولويات اختفت وكانت الدول تستفيد منها للتقارب حول مستقبل الوضع في سوريا، هذا يتعلق بالحديث عن هزيمة داعش وانتهاء الحرب على الإرهاب. اختفاء هذا المبرر يضع إيران بشكل خاص في بعض الحرج لا سيما وأنها كانت توظف تلك الحرب كمبرر لاستمرار سياستها في سوريا وأنها جزء من الجهد الدولي لمكافحة الإرهاب. من جهة أخرى تبدو تركيا قلقة من نشاط جماعة حماية الاكراد والتي نظر لها تركيا كجماعة إرهابية تهدد الأمن في جنوب تركيا.
خلال العام 2017 كانت كل من روسيا وإيران تعتبران اللاعب الأبرز في المشهد السوري، وأن كليهما لا يمتلك سياسة خروج من سوريا، بالنسبة لإيران ثمة بعض من يعتقد أن روسيا تمتلك سياسة خروج لكن إيران هي التي لا تمتلك، ورغم الجدل غير المعلن رسمياً فإن الظاهر أن كل الأطراف لا تمتلك سياسة خروج في سوريا، وأن الاستمرار في المستنقع السوري مكلف، وأن الحل يجب أن يبدأ من داخل سوريا. هذا ربما ما يعكسه تصريح مستشار مرشد الثورة الإيراني للشؤون الدولية حول ضرورة أن يبحث النظام السوري عن مسار مواز سياسيا لما يسميه بمسار مكافحة الإرهاب.
بقلم : محجوب الزويري
copy short url   نسخ
07/03/2018
2268