+ A
A -
كما في الناس أمهات، في الأوطان أيضاً أمهات، وكانت الكويت دوماً أمنا في الخليج، حاضنة الثقافة، والتميز، والسلام والعلوم.. أرض الأحرار، والرواد.. فاكهة الخليج.
حضنت كل العرب، واستوعبت كل الثقافات، واصطبغت بكل الألوان ومع ذلك تبقى هويتها الأبرز، وعبقها المستقر في التاريخ، لم تشتته رياح الزمن، أو تغمره موجات الغزاة.
كانت أرضها فاتحة الانتصارات الإسلامية على الفرس في ذات السلاسل التي وقعت في منطقة كاظمة شمال الكويت بقيادة الصحابي الجليل خالد بن الوليد، ومنها انطلق الفتح الإسلامي إلى العراق، وبلاد فارس.. وظلت هذه البقعة أرضاً لانطلاقات رائدة كانت البدء نحو تطوير المناخ الثقافي، والسياسي في الخليج بأجمعه. حيث كان الدستور الكويتي هو الأول في الخليج، تم العمل به سنة 1963 بجانب إنشاء مجلس الأمة كجزء من العملية الديمقراطية التي بدأت مسيرتها هناك.
وكذلك انطلاقتها الثقافية كانت المبكرة في الخليج، سارت جنبا بجنب مع كبريات حواضر الثقافة العربية انطلاقا من إنشاء النوادي الأدبية الشبابية، والمجلات الثقافية رفيعة المستوى كمجلة الأمة التي احتلت مكانا مميزا بين المجلات الثقافية في الوطن العربي، وغيرها من روافد الأدب، والعلوم..
وقد ظلت الكويت دوما حاضنة الثقافة، والمثقفين في الوطن العربي، ومن أهم مصادر مناهج التعليم، والتربية خاصة بالنسبة لدول الخليج.. والقائدة نحو تطور العلوم والمجتمع فيها لولا الغزو العراقي الذي أخر انطلاقتها المميزة في ذلك. ولم تكتف الكويت بكل هذه الريادات حتى أصبحت مركزا للعمل الإنساني، واطلق لقب قائد العمل الإنساني على أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد حيث أصبحت الكويت في عهده من أكثر الدول نشاطا في العمل الخيري، والإنساني، وباتت تعرف بأنها الأولى في الإغاثة، ومساعدة المحتاجين، والمنكوبين في شتى أنحاء العالم.
وبالرغم مما تعرضت له الكويت نتيجة الغزو العراقي الكارثي عليها، وعلى الأمة إلا أن عطاءها لم ينضب، ومكانتها المميزة لا يمكن أن يزاحمها عليها أحد، وهي الأرض التي أخرجت أغلب رواد الخليج، وعلماءه في شتى المجالات، وواكبت دوما كل ما تتطلبه الحداثة، ولم تبق فكريا خارج العصر، لتخلق بسياستها، وتوجهاتها توازناً مهماً في المنطقة، يقف في وجه المراهقات السياسية، والمغامرات غير محسوبة العواقب بحكمتها الموروثة.
رسالتنا للكويت أننا نحبها، وأنها ستبقى وطن النهار مهما تلاطم الليل، والشقيقة حين جار الأشقاء، والوفية حين خان الأصدقاء.. وستبقى معنا بإذن الله على ضفاف الخليج العربي توأم الحرية، والعدالة، والكرامة، والإنسانية.

بقلم : مها محمد
copy short url   نسخ
27/02/2018
2594