+ A
A -
في الجامعات الكندية، توجد إدارة يطلقون عليها تسمية «التعليم المتواصل» بمعنى التعليم الأكاديمي في مجالات تكميلية، كهواية التصوير، أو الموسيقى مثلاً.. وجمال هذا الضرب من التعليم، أنه يثقّف الطالب، أو لنقل الدارس، في مجالاتٍ غير رئيسيةٍ في عمله، لكنها رئيسيةٌ في شخصيته واهتماماته. والدراسة هنا تقع تحت مظلةٍ تخضع لبرامج «كورسات»، وقد يقتضي أحد الفروع الالتحاق بكورسٍ واحدٍ، أو أكثر، وربما يمتدّ إلى أربعة كورساتٍ. وتسجَّل الكورسات التي يحصل عليها الطالب، ضمن ساعات الدراسة الاختيارية له للحصول على درجته العلمية، في حين أنها تعتبر بمثابة توثيقٍ علميٍّ للهاوي الذي أقبل عليها مستكملاً هوايةً طُبِع عليها.
في لقاءٍ إذاعيٍّ أجريتُه مع أول رائد فضاءٍ كنديٍّ، سألته:
- أنت عملك هو قيادة طائرةٍ من طراز F15 تحمي بها الحدود الغربية لكندا، ما هوايتك التي تحمي بها شخصيتك، وتجد فيها نفسك؟
أجاب:
- أعزف على الغيتار في فرقةٍ تعمل في الأندية الليلية.
في أدبياتنا، وأخلاقياتنا، نعتبر رائد الفضاء أو قائد الطائرة الإف 15 (بالغة التعقيد والتطوير) شخصيةً مهيبةً، يجب أن نحيطها بهالةٍ من الجلال والغموض، لكن صاحبنا، كان، وهو يجيبني، منبسط الوجه بشوشاً، يعبر عن قدرٍ بالغٍ من السعادة، في أنه يحقق ذاته، ويشبع هوايته، التي هي في عرفنا «مزّيكاتي» يتقمّع ويتمايل مع حركات الراقصين، والراقصات.
جميلٌ أن تستشعر هوايةً دافئةً في حياتك، والأكثر جمالاً أن تُثريَ هذه الهواية بالعلم والمعرفة.
في حياتي الشخصية، كنت حريصاً على إشباع هوايات أبنائي، وكانت إحدى كريماتي من الباحثات الدائبات عن المعرفة، فأغرقتها في طفولتها المبكرة بكتب، ومجموعات المعارف المخصصة للأطفال، وكانت أسعد لحظات يومي تلك التي أخلد فيها لراحةٍ قصيرة خلال النهار، فآتي بها، وأطلق لها العنان في الحديث عن قراءاتها، حيث أغفو قليلاً على تدفّق ذلك الكمّ من المعلومات التي تحصل عليها، ومنها أن «مايكل أنجلو» أحد أعظم فنّاني عصر النهضة، كان جرّاحاً، وأنه هو الذي توصّل إلى اكتشاف الطائرة العمودية.
في أبنائكم مناجم من الكنوز الإنسانية، خذوا بالكم منها.
* ما زلت أغني:
صمت الحبُّ، فاستحال نداءَ.. كل همسٍ للعاشقين تراءى.
أين مني تلك التي سلبتني.. همسةً.. لم تزلْ عذراءَ.
بقلم : حسن شكري فلفل
copy short url   نسخ
23/02/2018
2240