+ A
A -
النفاق، الصراحة، المجاملة.. كلمات متداولة كثيرا في حياتنا اليومية إلا أننا لا نتوقـف لنتعـرف عـلى الشعـرة الدقـيقة التي تـفصل بينهم، فالنفاق صفة سيئة جدا استشرت في عـصرنا هـذا بينما اختفـت فـيه للأسف العـديد من القـيم والأخلاقـيات، فالنفاق يزين الأفعال الخاطئة ويجعـل منها صوابا، بل عـين الصواب.
النفاق، الصراحة، الـمجاملة كلمات نتناولها دون أن نتوقـف لنتعـرف عـلى مفهومها، فالنفاق آفة تعاني منها الكثير من المجتمعات ليس فقط عـلى مستوى العالم العـربي بل عـلى مستوى العالم، ومما لا شك فـيه أن النفاق يمنع الكشف عـن العـيوب الـتي يكون الكشف عـنها غالـبا هـو بداية الطريق للتخلص منها، ويجب أن نكون واضحين منذ البداية، فلا نخلط بين بعض المفاهـيم مثل المجاملة الـرقـيقة التي لا بد أن تكون بين الـزوجين والأصدقاء والأقـرباء، فهذه المجاملة قـد تزيد هـذه العلاقات متانة وقـوة، أما الـنفاق الذي نعـنيه هـنا فهو ذلك الذي يكون بين «المرؤوس ورئيسه»، حيث يتملـقه ويزين له أفعاله، ويجعـل من الخطأ صوابا، أو العكس، وذلك تبعا لأهـواء ذلك الـرئيس، وقـد يكون هـذا الرئيس داعـيا لهذه النوعـية من البشر فـيعـرض عـنها ويسعى لمن يزوده بالحقائق المجردة دون رياء أو نفاق، أو قـد يكون ممن يستهويهم التزلف والنفاق فـيصم آذانه عـن كلمات الحق ولا يطرب إلا للكلمات التي ترضي غـروره، وقـد يكون النفاق بين شخصين أحـدهما في مركز أو مستوى اجتماعي أقـل من الآخـر.
كذلك عـلينا أن نفـرق بين الـنفاق والمجاملة والصراحة، فلا يعـني أنني إنسان صريح فأعـمد إلى جـرح الآخرين بصراحـتي، فالصراحة بطبيعة الحال لها ضوابط وأصول، فإذا رأيت عـيبا بشخص ما فلا يفـترض أن أجابهه بشكل مباشر بهذا العـيب حـتى لا تنقلب الصراحة إلى وقاحة، بل يجب الأخذ في الاعـتبار مشاعـره كإنسان، وأحاول بقدر الإمكان أن أوصل له رأيي دون أن أجـرح مشاعـره، وهـذا يتطلب الحذر في صراحتي معه وإبداء رأيي فـيه، وأن ننتقي ألفاظنا الـتي توصل مفهـومنا بعـناية ودون أن ننزلق إلى هاوية النفاق ودون أن نجرح بألسنتنا الـناس، فالكلمة الطيبة صدقة.
هـناك فـرق بين المدح والنفاق، فالمدح أن تصف إنسانا بما يستحق، أما النفاق فهو أن تمدح إنسانا بما لا يملك من صفات الـمديح، يعـني أن تكذب وترائي، والمنافقون اليوم لهم أكثر من صورة، فهناك تجار ورجال أعـمال، وصحفيون، وكتاب وشعـراء ومثقفون وموظفون حكوميون وغـيرهم من عامة الناس، وحتى الخاصة، الذين يسعـون عـن طريق النفاق إلى نيل رضا «المسؤولين» لحاجة في نفس المنافق.
إن المجاملة أبدا لا تكون عـلى حساب الحق وإلا فهي إثم اجتماعي، وهـناك في المجتمعات المختلفة كثيرون الذين يرون الخطأ خطأ فـيجاهـرون به، وآخـرون يرون نفس الخطأ ويجاملون فـيه.!
متى نكون صادقـين مع أنفسنا.؟ متى يأتي اليوم الذي ينبه آذاننا فـيه صوت الحق.. متى نعـرف الحقيقة بقلوبنا إذا نظـرنا بأعـيننا.. متى يتوب ويكف هـؤلاء «المنـتـفعـون» عـن نـفاق أصحاب النفوذ..؟ متى نكون صادقـين مع أنفسنا ومع الآخرين.؟ متى يدرك المنافق أن نفاقه ضعـف في نفسه، ونقص في اكتمال شخصيته، وهـروب من نصرة الحق.؟!

بقلم : سلطان بن محمد
copy short url   نسخ
21/02/2018
3447