+ A
A -
منذ أن بدأت بعض مناطق ومدن وبلدات سوريا بالخروج عن سيطرة النظام السوري، سواء بالمعارك الحاصلة، أو بالتسليم، كما تم في كثير من المناطق، وخصوصا في مناطق الشمال والشمال الشرقي من سوريا، حيث الحدود شبه المفتوحة مع تركيا، كان حريا بالهيئات السياسية المعارضة، المجلس الوطني ثم لاحقا الائتلاف، وكل الهيئات السياسية المعارضة،العسكرية والمدنية، نقل مكاتبها إلى تلك المدن، وفرض سيطرتها عليها، وإعادة الحياة الطبيعية إلى سكانها، بعد إتاحة الفرصة للمهجرين منهم بالعودة، ومساعدتهم على ترميم ما تدمر من منازلهم ومدارسهم ومشافيهم، وتعويضهم، قدر الامكان، عما فقدوه من مصادر رزقهم وعيشهم، كان حري بهذه الهيئات استعادة زمام الأمور من العسكر وكتائبهم المختلفة، وإعادة الحياة المدنية بكل تجلياتها، وإعطاء نموذج مثالي عما يمكن ان تفعله هيئات المعارضة في مواجهة المجتمع الدولي الذي يضع دائما ذريعة مهمة لتمسكه بنظام الأسد، وهي أن البديل المدني السياسي ليس مؤهلا ليحل محل النظام الحالي، وأن على المعارضة السياسية تنظيم نفسها والعمل على توحيد رؤاها وصفوفها ومطالبها.
كان يمكن لشيء كهذا أن يشكل فارقا نوعيا في مسار الثورة السورية، وربما لما كانت حالة الشتات والنزوح السوري في الداخل والخارج قد وصلت إلى ما وصلت إليه حاليا من مشكلة، ولما كان وضع السوريين في مخيمات الدول المجاورة قد وصل إلى أقصى حالات البؤس والمذلة، ولما حرم الملايين من أطفال السوريين من حقهم في التعليم، ولما تحولت مناطق الشمال والشمال الشرقي السوري إلى مناطق مدمرة بالكامل لوجستيا ومعنويا، ربما لو حصل شيء كهذا لأجبر المجتمع الدولي النظام السوري على الرحيل، أو على الأقل خوض مفاوضات حقيقية ضمن شروط ملزمة للجميع، بوقف العمليات القتالية وإطلاق كامل المعتقلين والمغيبين والسماح بعودة المهجرين والمنفيين بضمانات دولية تكفل سلامتهم وأمنهم، والبدء بإطلاق العملية السياسية التي تؤدي إلى تغيير دستوري، وتغيير النظام القائم، وبناء جيش وطني حقيقي، وحل الأجهزة الأمنية التي تفتك بالمواطنين السوريين، وطرد كافة الميليشات المسلحة المرتزقة الغريبة عن التراب السوري، سواء تلك التي مع النظام أو مع المعارضة، والبدء بإعمار البلاد وكتابة عقد اجتماعي جديد، وتقديم المجرمين من كافة انتماءاتهم إلى المحكمة الدولية.
قد يبدو الكلام السابق أشبه بالحلم، حلمنا نحن السوريين، الذي يحتاج له معجزة كاملة كي يتحقق، وحين أقول معجزة فأنا لا أبالغ، إذ أنه من سوء حظ سوريا وثورتها وشعبها المشتت في الداخل والخارج أن ديكتاتوريتها الحاكمة، أو من يتنطعون لقيادة ثورتها وتمثيلها في المحافل الدولية وفي الإعلام وفي كل شيء، يشبهون كل شيء إلا أن يكونوا سوريين أصحاب مشاريع وطنيه جامعة.

بقلم : رشا عمران
copy short url   نسخ
20/02/2018
2413