+ A
A -
عشية احتفال اليمنيين بالعيد السادس والعشرين للوحدة اليمنية كان أفق مشاورات الأطراف اليمنية في الكويت ممتلئا بالسديم بعد أن دفع وفد الانقلابيين وفد الحكومة الشرعية إلى الانسحاب من المشاورات احتجاجاً على استهتار الانقلابيين بسير عملية المشاورات ورفضه لكل نقطة يتم نقاشها.
وبعد شهر من بدء المشاورات في العاصمة الكويتية لم يتم التوصل إلى حل توافقي حول أي نقطة خلافية بين الطرفين نتيجة رفض الحوثيين المستمر وتعنتهم وإعادتهم المشاورات إلى نقطة الصفر في مراحل الحوار.
وحقيقة الأمر أن الأداء المتواضع للمبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أثر كثيرا على سير المشاورات إذ حاول الرجل أن يبني مجدا شخصيا بكونه أوجد حلاً لقضية معقدة وأخمد ناراً كادت أن تشعل المنطقة كلها، لكن مجده الذي يسعى إليه هو برميل البارود الذي سيفجر كل المنطقة، فالتراخي مع الجماعة الحوثية والتماهي مع رغبة أميركا بالبقاء على الحركة الحوثية جماعة سياسية مسلحة هو الذي سيشعل حرب اليوم وغداً ويفجر صراعاً لا نهاية له، لأن السلاح الحوثي «الإيراني» هو المناهض الكلي لبقاء الدولة اليمنية، والمهدد الفعلي للسعودية والخليج من استنساخ حزب الله في بوابة الخليج الجنوبية، بعد أن تم تسليم البوابة الشمالية لميليشيا الحشد الشعبي بإشراف إيراني أميركي.
التحضير للدمار القادم سيكون نوعياً هذه المرة، فلا دولة ستغزونا ولا أحد سيقاتلنا، فقد أوكل بالمهمة أبناء جلدتنا، ولاحظوا أن إيران تقف من بعيد داعمةً وساندةً وأميركا من خلف بحر ومحيط تؤيد وترعى، وتركوا بقية التفاصيل للمأجورين في الميدان، فإيران لم تخسر شيئاً في الحالة اليمنية، السلاح من مخازن المعسكرات اليمنية، والأموال من موارد الدولة اليمنية، والقاتل والمقتول يمنيان، لكن من سيجني ثمار هذا الدمار الكلي هو إيران والمشروع الفارسي الأميركي.. تماماً كما يحدث الآن في العراق.
انفراجة الدوحة التي جاءت عشية الاحتفال بذكرى الوحدة اليمنية حملت بشائر خير لليمنيين، لكنها لم تخل من مخاوف أيضاً، فقد سبق أن مدت قطر يدها البيضاء إلى اليمن، ورعت اتفاقاً بين الحكومة اليمنية والحوثيين في فبراير 2006 وكان من بين بنوده أن ينزل الحوثيون من الجبال، ويعودوا مواطنين صالحين ويسلمون السلاح المتوسط والثقيل للدولة، ويفرجوا عن الجنود الأسرى الذين بحوزتهم، وأن يلتزموا بالنظام والقانون.. اليوم صرنا نفاوضهم في أن يعود الرئيس الشرعي إلى مقر حكمه، وأن يخرجوا من مؤسسات ومعسكرات الدولة، وما وصلنا إلى هذه النتيجة إلا بالتساهل معهم من جهة ورعاية سفارات الغرب لهم من جهة أخرى.
المخاوف التي تلبست المواطن اليمني هي نتيجة شواهد عديدة في تاريخ هذه الحركة الفاشية التي لا تلتزم باتفاق أو تفي بعهد، وتنكث بعهودها ولا يزال حبرها أخضر.
هذه المرة اشترط الوفد الحكومي أن يلتزم الحوثيون بست نقاط خالية من تعسف أو محاولة لإفشال المشاورات، بل جاءت جميعها في صالح انقاذ الدولة اليمنية، ومتسقة مع القرارات الأممية، فقد كانت أولى هذه النقاط، الالتزام بالمرجعيات الثلاث (القرار الأممي 2216 والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني) والتوقيع على جدول أعمال المشاورات، وتفاهمات مدينة بيال السويسرية، والإفراج عن الأسرى والمختطفين، وهذه نقاط تؤسس لمشاورات جادة وحقيقية.
وقد تسلم الوفد الحكومي رسالة خطية من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أكد فيها أنه لا مرجعية غير النقاط الثلاث، وأن شرعية الرئيس هادي ليست محل نقاش مع أحد.

بقلم : عارف أبوحاتم
copy short url   نسخ
27/05/2016
2048