+ A
A -
تحتفل إيران هذه الايام بالذكرى التاسعة والثلاثين على قيام الثورة الإسلامية في إيران، حيث بدأت فصول الثورة الإسلامية في شهر يناير من العام 1978 وانتهت احداثها في الحادي عشر من فبراير من العام 1979. بعد كل تلك العقود يبرز سؤال مهم حول حالة الجمهورية الإسلامية بالنسبة للداخل الإيراني وبالنسبة إلى جوارها العربي وغير العربي.
يمكن الحديث عن ثلاثة عناصر مهمة تتعلق بما نتج عن تلك الثورة من تطورات، عناصر نالت آثارها الداخل الإيراني وكذلك جواره وعلاقاتها مع بقية دول العالم. العنصر الأول هو أن الجمهورية الإسلامية ظهرت في محيط غريب بالنسبة لها، حيث قدمت نفسها كدولة دينية في محيط تحكمه العلمانية سواء في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. والدولة الدينية هي جعفرية وسط محيط سني مترامي في أنحاء المعمورة. يقود هذا الوصف إلى خلاصة مهمة وهي أن الجمهورية الإسلامية كانت تستشعر التهديد منذ اللحظة الأولى، وتحت وقع فرضية الشعور بالتهديد والاستهداف من قوى الاستكبار العالمي وفق التوصيف الإيراني، منحت نفسها حقوقاً في الحضور السياسي والتأثير منذ اللحظات الأولى في عمر الجمهورية الإسلامية. هذا التصور دفع طهران إلى تعريف الدفاع عن أمنها من خلال الحضور السياسي خارج حدودها، بعبارة أشد وضوحاً إبقاء الخصوم والاعداء خارج الحدود. الادلة على مثل هذا التحليل ماثلة للعيان في سوريا والعراق ولبنان وحتى مناطق أخرى في جوار إيران الشرقي.
العنصر الثاني يتمثل في تجنب المواجهة المباشرة مع الخصوم وإبقاء بعض الأبواب مفتوحة ولو كانت ابواباً خلفية. مثل هذا المنهج دفعت به إيران في إطار فهم آخر يكمن في الحيلولة دون تشكل تحالف متماسك ضد إيران، وهو أمر نجحت إيراني فيه نسبياً لا سيما في منح الخيار العسكري ضدها طوال تلك العقود. في هذا السياق يبدو الحديث عن الاتفاق النووي كإنجاز ترى إيران أنها استطاعت أن تنتزع اعترافاً بحقها في امتلاك الطاقة النووي، اعتراف يرى في الغرب تحجيم لطموحات إيران وادماجاً لها في المجتمع الدولي تمهيداً لتغييرات اقتصادية وسياسية تدفعها للتغيير في سياساتها. كان يفترض أن يتحول الاتفاق النووي إلى فرصة للجمهورية الإسلامية يساعدها في مواجهة تحديات داخلية وأخرى خارجية، لكن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن، فما هو ظاهر يشير إلى أن الاتفاق بحد ذاته يتحول إلى تحدي سياسي ومسبب في تحديات أمنية وأخرى اقتصادية كان تأمل إيران ان تحتفل في الذكرى التاسع والثلاثين للثورة الإسلامية وقد تجاوزت كل تلك التحديات.
العنصر الثالث يتعلق بالاختبار الأخلاقي الذي تعرضت له الثورة ومعها الجمهورية الإسلامية في موقفها من الربيع العربي ولا سيما الحالة السورية، والتي أظهرت معايير مزدوجة في تعريف الحراك السلمي للتغيير واعتباره منطلق من دعم أميركي وحلفائها لمواجهة ما يسمونه حلف الممانعة، تبسيط للمشهد طرح كثير من الأسئلة حول الكيفية التي بررت فيها الجمهورية الإسلامية مواقفها المؤيدة للنظام السياسي السوري واعتبرتها مقنعة للداخل الإيراني بشكل خاص وكذلك الخارج.
تبدو الجمهورية الإسلامية بعد 39 عاماً أمام مزيد من التحديات بسبب حالة الغليان التي تعيشها المنطقة والعالم، حالة من الغليان مكلفة بالنسبة للاعبين وكذلك للمتفرجين، وهي بلا شك حالة لا تبدو أنها مرشحة للتوقف قريباً بل آخذة في التوسع مع تبعاتها وارتداداتها الممتدة عبر الخريطة العربية وكدلك خريطة الشرق الأوسط ككل.

بقلم : محجوب الزويري
copy short url   نسخ
14/02/2018
2688