+ A
A -
في العام 2009 ألقى «فيلكس ناتيستا» في المكسيك محاضرة قيمة بعنوان: «كيف تتجنب الاختطاف في المكسيك»!
استفاد كثيرون من هذه المحاضرة في ذلك اليوم باستثناء «ناتيستا» نفسه! فقد تم اختطافه!
على كل حال فإن فساد التطبيق لا يعني بالضرورة فساد النظرية، وأمرُ الله من سَعة!
وفي العام 1574، ألَّفَ «روي دي سيغورا» أحد أهم الكتب في لعبة الشطرنج... وقال في أحد فصوله: «حين تجلس لتلعب في النهار اجعل الشمس في ظهرك أنتَ وفي وجه خصمك، فهكذا يفقد شيئاً من تركيزه، وحين تجلس لتلعب في الليل اجعل مصدر الضوء على يمين خصمك لأن اليد اليمنى التي تتحرك فوق الرقعة تشكل ظلاً وهكذا لن يرى جيداً كل الجنود في المعركة»!
المهم وبلا طول سيرة في العام التالي وبحضور ملك إسبانيا جرى نزال بين «دي سيغورا» صاحب الكتاب مع «ليوناردو دي كوتري»... أجلسَ «دي سيغورا» خصمه قبالة الشمس التي لم تُفقد الخصم شيئاً من تركيزه، وهُزم صاحب الكتاب والنّظرية لتتأكد حقيقة أن أولئك الذين يُنظرون للانتصارات قد يتجرعون الهزائم!
من خلال معرفتي الشخصية بعدد لا بأس به من الكُتاب، أو معرفتي القرائية بحياة كثير من المؤلفين، اكتشفتُ أن الكثيرين لا يُشبهون كتاباتهم!
صدقوني إن الذي يكتب كثيراً عن الحُبّ ليس بالضرورة قيس بن الملوح في حياته اليومية، قد يكون الأمر مجرد لون أدبي يروق له ويجد نفسه به!
وإن الذي تجده في كتاباته لاذعاً ناقداً لمجتمعه وساخراً منه قد يكون إنساناً محباً للناس وللمجتمع، والفرق في كلا الحالتين أن أحدهما يكتب ما يحب الناس أن يكتبه والآخر يكتب ما يجب على الناس أن يقرأوه!
عندما نام عمر بن أبي ربيعة على فراش الموت، أخذ يدعو الله بالمغفرة، فقيل له: أبعد كل ما كان منك؟! فأمسكَ إزاره وقال: واللهِ ما فككته يوماً على حرام!
وفي سياق متصل يقول الجاحظ: الفرزدق زير نساء وليس له في هذا بيت شعر، وجرير عفيف لم يعشق امرأة قط وهو من أغزل الناس شعراً!
ما أريدُ قوله أن الناس لا يشبهون بالضرورة كتاباتهم، مع أنّ هذا شيء ممكن الحدوث، أو هو الأصل برأيي، ولكن لا ترسموا صورة حتمية لأي كاتب من خلال كتاباته، ولا يفوتني أن أنوه إلى أن الكاتب الذي لا يشبه كتاباته ليس بالضرورة أن كتاباته خاطئة، قد يؤلف أحدهم كتاباً في أسرار السعادة الزوجية بينما يعيشُ جحيماً زوجياً ولكن «رُبّ مبلغ أوعى من سامع» كما قال سيد الناس! الأمر أشبه بطبيب القلب الذي ينصحك بترك التدخين وهو ينفثُ دخان سيجارته في وجهك!
بقلم : أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
13/02/2018
3872