+ A
A -
تسارعت التطورات في الأيام الأخيرة لتوحي وكأن إيران تسعى لإشعال المواجهة مع إسرائيل على الجبهة السورية- اللبنانية. وما يعزز هذا الاعتقاد اسقاط إسرائيل طائرة إيرانية بدون طيار أطلقت لأول مرة من سوريا واخترقت الاراضي الإسرائيلية، وقيامها بالاغارة على 12 موقعا سوريا وإيرانيا داخل سوريا وسقوط مائة قتيل. قابلها لأول مرة منذ أربعين سنة رد من المضادات السورية التي تمكنت من اسقاط طائرة «إف-16» إسرائيلية.
انه تطور سابق من نوعه لم يحدث منذ ثلاثين سنة وينذر بمواجهة إيرانية- إسرائيلية. محور «الممانعة» هلل للخطوة معتبرا ان قواعد اللعبة قد تغيرت، فهل هذا ما تريده طهران؟ وفي أي اتجاه؟ هذا التطور الخطير سبقه بأيام قيام خليفة خامنئي المفترض ابراهيم رئيسي، الذي كان المنافس الأهم لحسن روحاني خلال معركة التجديد له في رئاسة الجمهورية، بجولة ميدانية في جنوب لبنان برفقة قياديين من «حزب الله». ما الهدف من الزيارة؟ رئيسي ذهب بعيدا مطلقا كلاما تعبويا استهلاكيا بان «تحرير القدس يقترب»!
في الأشهر الأخيرة تحول جنوب لبنان إلى محج للميليشيات الشيعية العراقية، فقد زاره قبل أكثر من شهر زعيم ميليشيا «عصائب اهل الحق» قيس الخزعلي، وهي احد فصائل «الحشد الشعبي»، بلباسه العسكري. وقال من هناك انه «على أتم الجهوزية للوقوف صفا واحدا مع الشعبين اللبناني والفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي». وبعده قام بالزيارة نفسها الشيخ علاء الكعبي، قائد فصيل «لواء أبو فضل العباس»، المنضوي ايضا ضمن «الحشد الشعبي». والاثنان جالا برفقة مسؤولين من «حزب الله»، علما بأن القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن في صيف 2006 يمنع على أي ميليشيا أو أفراد مسلحين غير السلطات الشرعية اللبنانية ولوج منطقة جنوب نهر الليطاني، والتي هي منذ ذلك التاريخ تحت سيطرة «القوات الدولية».
التصعيد الذي حصل نهاية الاسبوع هو الاخطر منذ عقود، ولو ان إسرائيل لا توفر فرصة لكي تبقي النظام السوري تحت رحمتها. فهي تريد بقاء بشار الأسد في السلطة ولكن مقيدا وحاميا لأمنها وتحديدا في الجولان. فهي تقوم منذ اندلاع الثورة في سوريا عام 2011 وبوتيرة شبه ثابتة بقصف موقع جمرايا السوري، حيث يوجد مركز للابحاث العلمية يشتبه بانه يقوم بإنتاج أسلحة كيماوية. وتحولت جمرايا منذ خمس سنوات هدفا إسرائيليا. كما تقوم إسرائيل بضرب أي قافلة عسكرية أو حركة لنقل أسلحة ومعدات حربية لـ«حزب الله» داخل الأراضي السورية أو باتجاه لبنان.
فقد شن سلاح الجو الإسرائيلي في 31 يناير 2013 أول غارة على مركز بحوث جمرايا، ثم اتبعه بغارة ثانية وثالثة ورابعة خلال هذه السنوات. وجاءت الاخيرة في الخامس من هذا الشهر واستهدفت ايضا مواقع ومخازن للاسلحة تابعة لقوات الأسد. اذ عدا عن كونها تضم أهم مركز علمي للابحاث، فان جمرايا تحوي ايضا مقر لواء الحرس الجمهوري المولج بالحماية الشخصية للأسد. وتتهم واشنطن النظام باستخدام مجددا الأسلحة الكيميائية في الغوطة الشرقية المحاصرة منذ 2013، وكذلك في ريف ادلب، رغم انه أجبر على تسليم كل ما لديه من سلاح كيماوي بموجب الاتفاق الأميركي- الروسي صيف عام 2013.
السؤال الأهم هو لماذا اختارت إيران هذا التوقيت لاعادة خلط الاوراق؟
أولا، لأن الدور الأميركي بدأ يتمدد على الأرض والضغط العسكري بدأ يشتد على النظام السوري شمالا (قصف دير الزور) وجنوب غرب على الحدود مع إسرائيل وباتجاه الحدود مع العراق. ثانيا، للغمز من قناة موسكو نفسها بعد ان أضحت المواجهة بين روسيا والولايات المتحدة وأصبح دور طهران هامشيا يوازي تقريبا الموافقة على ما تقرره موسكو (انظر سوتشي واستانة!). وثالثا، ايصال رسالة إلى الاثنين معا (واشنطن وموسكو) عشية وصول وزير الخارجية الأميركي في جولة على المنطقة، وبالأخص إلى لبنان، بان طهران ما زالت تمسك بأوراق اللعبة من البوابة اللبنانية- الإسرائيلية. فمن اسقط الطائرة الإسرائيلية هو طواقم الدفاع الإيرانية، وهذا «حزب الله» والميليشيات العراقية جاهزان لمقارعة إسرائيل!

بقلم : سعد كيوان
copy short url   نسخ
13/02/2018
2514