+ A
A -
الصهيونية حركة صبورة على ما يصفها المفكر السياسي الأردني عدنان أبو عودة.ذاك الوصف يأتي في معرض التحليل لمسيرة الحركة الصهيونية ومخططاتها التاريخية لاغتصاب فلسطين على مراحل وصولا لإسرائيل الكبرى على امتداد أرض فلسطين التاريخية.
لكن الصهاينة الجدد؛صهاينة الزمن الحالي لايبدون مثل أقرانهم أبدا.إنهم يحثون الخطى وبسرعة لابتلاع الضفة الغربية أرضا ومقدرات،وتشريع المستوطنات.
بالأمس القريب أعلن رئيس الكنيست الإسرائيلي يولي أدلشتاين عن قرب سن قانون يقضي بضم الضفة الغربية المحتلة للسيادة الإسرائيلية المزعومة.وقد أدرج نواب اليمين بالفعل مشروعي قانونين لفرض السيادة على الصفة الغربية.
ثمة مستجدات تدفع بالصهاينة للتخلي عن صبرهم وتسريع خطط التهويد والضم.أول هذه المستجدات الحالة العربية المزرية، وانهيار منظومة التعاون العربي على وقع الخلافات والحروب الداخلية والتحول الاستراتيجي في أولويات دول عربية كبرى لم تعد تنظر لقضية فلسطين بوصفها قضية العرب الأولى.
وثانيها، الانحياز الساحق نحو اليمين المتطرف في إسرائيل وانهيار معسكر الاعتدال الإسرائيلي لصالح أحزاب جديدة غارقة بالشوفينية والتطرف الدموي.
المستجد الثالث، وصول دونالد ترامب لرئاسة أميركا ومعه فريق من المتعصبين اليهود المنخازين لإسرائيل أكثر من نتانياهو وعصابته.ترامب وفي غضون أشهر قليلة قدم خدمات جليلة لم تكن حكومة إسرائيل تحلم بتحقيقها في سنوات طويلة.
ترامب وفر درعا دبلوماسيا صلبا يحمي إسرائيل من الإدانة أو المساءلة في مجلس الأمن، ومنحها صكا بالقدس عاصمة موحدة لدولة إسرائيل،وأعلن بكل وضوح أن القدس أصبحت خارج نطاق المفاوضات بين الطرفين.ويستعد حاليا لتقديم مبادرة لتصفية القضية الفلسطينية لاتعطي الشعب الواقع تحت الاحتلال أدنى حقوقه،وفي الطريق ينوي مسح وكالة الغوث الدولية من الوجود لينهي قضية اللاجئين للأبد.
والأدهى من ذلك لاتتورع حكومة إسرائيل عن التحضير لحرب محتملة وبقوة على قطاع غزة المحاصر والمهدد بالكارثة الإنسانية مع قطع المساعدات وتعطيل خدمات«الأونروا».
يضاف إلى هذه المستجدات وقائع راسخة تصب كلها في مصلحة إسرائيل؛التفوق العسكري الكبير،والانقسام الفلسطيني الداخلي وغياب النوايا الصادقة لإنجاز المصالحة الوطنية.
إزاء كل ذلك من الطبيعي أن تتخلى الحركة الصهيونية عن صبرها، وتستثمر اللحظة الراهنة لإنجاز ما تبقى من مشروعها التاريخي.
على مدار سنوات مضت، عملت حكومات إسرائيل بهدوء ولكن بمثابرة شديدة للقضاء على أية فرصة ممكنة لقيام حل الدولتين. الاستيطان المستمر واستنزاف اتفاقية أوسلو على الأرض، وتعزيز الفصل الجغرافي والسياسي بين الضفة الغربية وقطاع غزة،ساهمت مجتمعة في تهيئة الأرضية لجعل حلم الدولة المستقلة صعب المنال.
دول العالم الكثيرة التي تساند الفلسطينيين في قضيتهم،لم تتمكن من فعل شيء ملموس. واشنطن ظلت هي الممسكة بقواعد اللعبة ولم تسمح لأحد من الاقتراب من الملعب الإسرائيلي.
اليوم يحاول الفلسطينيون مرة أخرى الاستنجاد بالمجتمع الدولي لنصرة قضيتهم العادلة، لكن أحدا لايبدو مستعدا للوقوف في وجه ترامب وعنفوانه العجيب.
فقد الصهاينة صبرهم أخيرا بينما عالمنا العربي يسأل الرحمة والشفقة من واشنطن.

بقلم : فهد الخيطان
copy short url   نسخ
09/02/2018
2203