+ A
A -
تعـتبر الغـيرة من المشكلات الشائعة بين أفراد الأسرة الواحدة، ويعاني الكثير من الآباء والأمهات من هـذه المشكلة التي قـد تؤدي إلى صراعات مستمرة في البيت ومشاجـرات بين الأخـوة مما قـد يؤدي إلى خـلق جـو من التوتر وإلى شعـور قـوي بالانزعاج لدى الأبـوين، ومع أن الغـيرة وما يتولد عـنها من تنافـس بين الأشقاء هي أمر طبيعي في معـظم الحالات، إلا أنها تصبح مشكلة في حالات معـينة تستدعـي أن يبذل الآباء جهدا في معالجتها، أو أن يستعـينوا بالمرشدين التربويين في المدارس من أجل ذلك.
وتصبح الغـيرة مشكلة تستدعي الاهـتمام عـندما تؤدي إلى ظهـور مشاعـر عـدوانية عالية بـين الأخوة يتم التعـبير عـنها لفـظيا أو سلوكيا بالشتم أو الضرب أو تدبير المقالب العملية، وفي الحالات الحادة قـد تستمر الكـراهـية بـين الأخـوة إلى فـترات لاحقة في الحـياة وتعـطل إمكان نشوء العلاقات الأخـوية السليمة التي يقـدم فـيها الأخـوة دعـمهم لبعـضهم البعـض، هـذا الدعـم الذي يعـطي شعـورا بالأمن للجميع، وعـندما لا تولـد الغـيرة مثـل هـذه المشاعـر العـدوانـية وما يـنـتج عـنها مـن سلـوك عـدواني فإن عـلى الوالدين أن يبديا بعـض التسامح حيال المشاجرات البسيطة التي يمكن أن تقع بين الأخوة، وعـلى الوالدين أن يبذلا كل جهد ممكن للحيلولة دون ظهور المشاعـر العـدوانية بين الأخوة ودون ظهـور الغـيرة لكي تصبح مشكـلة حادة تسمم العلاقات الأخـوية وتضفي طابع الـتوتر عـلى جو البيت.
وبعـيداً عـن غـيرة أبناء الأسرة الواحدة، هـناك غـيرة أخرى ألا وهي غـيرة الجار من الجار، فـبعـض الجيران قـد يغارون من الجار صاحب الثروة والجاه أو المكانة الاجتماعـية المرموقة أو أنه ناجح في عـمله ويتحدث عـن نجاحه الناس فللنجاح كما يقال أعـداء.. ليس هـذا فقط بل أن هـناك دولا تغـار من دول أخرى وللدلالة عـلى ذلك غـيرة دول الحصار عـلى دولة قطر التي حباها الله بالأمن والأمان والاستقرار، وحب الشعـب لولي الأمر، وشملها بخيره وفضله ولنجاحاتها المميزة اقـتصاديا وسياسيا واجتماعـيا ولاحترام العالم لها، لهذه الأسباب وغـيرها ورغم مرور ثمانية شهور لا يزال حصارهم عـلى قـطر مستمرا..
نعـود إلى موضوعـنا الرئيس.. ومن الأساليب التي يمكن استخدامها للوقاية من تحول الغـيرة إلى مشاعـر عـدوانية، أن يبدي الوالدان اهـتماما فـرديا بكل فـرد من الأبناء، فإذا شعـر الأبناء أن أحـد الأخوة يعامل معاملة خاصة، فإن هـذا الابن يمكن أن يصبح موضوعا لمشاعـر الغـيرة، والـتحيز لأحـد الأبناء يظهـر في السلوك، كما يظهـر في التعـبيرات اللفظية، إذ قـد يعـلـن أحـد الأبوين أو كلاهما عـن الحب والتقـدير لابن معـين، وقـد يقـوما بالإشادة في هـذا الابن والتحدث عـن مناقـبه وعـما يفـعله في كل مناسبة، كما قـد يظهـر هـذا الـتحيز بالود الزائد والتسامح حيال الأخطاء وشراء الهدايا والمصروف وغـير ذلك.
وكثيرا ما تظهـر مثل هـذه الـتصرفات لـدى الأبوين حيال الابن الذكـر عـلى حساب الابنة الأنثى وخاصة عـندما يكون الابن هـو الذكـر الوحيد بين مجموعة الـبنات، ويؤدي مثل هـذا الوضع إلى تشكل مشاعـر عـدوانية، بالإضافة إلى شعـور الأخوات بالظلم، وعـدم العـدالة عـلى نحو قـد يؤثـر بشكل سلبي عـلى العلاقات الأخوية فـيما بعـد.
إن من الطبيعي أن يحتاج الطفل الأصغـر إلى رعاية أكـثر، كما أن من الطبيعي أن ينتقـل جـزء من اهـتمام الوالدين إلى الطفل حديث الولادة، لذا.. فإن من الضروري توضيح هـذا الوضع لباقي الأطفال وتهـيئتهم لـقـدوم الطفـل الجديد، وإعلامهم بأن الطـفـل الجديد سوف يضيف إثارة ومتعة إلى جو الأسرة، وإنه بنفـس الوقـت سوف يتطلب جهـدا إضافـيا، ولذا فإن من المتوقع أن يساعـد جميع أفـراد الأسرة في تحمل أعـباء مجيء الطفل الجديد.
ويقـدم الوالدان في سلوكهما القـدوة الحسنة لأبنائهما فـيما يتعلق بمشاعـر الود والمحـبة وسلوك الـتعاون والاهـتمام بالآخـرين فإذا عـبر الوالدان عـن مشاعـر عـدوانية تجاه الأخوة أو الأقارب أو الناس بشكل عام فإن من المتوقع أن يتعلم الأبناء وخصوصا الأطفال مثل هذه المشاعـر من خلال تقليدهم للوالدين أما عـندما يُظهـر الأب مشاعـر الحب نحو أهـله وأقاربه وأهـل زوجـته، وتُظهـر الأم المشاعـر ذاتها نحو أهـلها وأهـل زوجها، فإن الأبناء يتعـلمون أن يحملوا مشاعـر ايجابية نحو بعـضهم البعـض، وينبغي أن يتذكـر الوالدان بأن هـذه المشاعـر الإيجابية التي تظهـر بين الأخوة سوف تُسهم في إيجاد جـو ودي في البيت، كما تسهم في استمرار العلاقات عـلى نحـو ايجابي بـينهم حـتى بعـد أن يكبروا ويستقل كل منهم في أسرة منفصلة.

بقلم : سلطان بن محمد
copy short url   نسخ
07/02/2018
2775