+ A
A -
يوجد الشباب المغربي في قلب التحولات الاجتماعية الكبرى، التي تعرفها البلاد، تحولات ارتبطت بالمنظومات الاجتماعية، الأنساق، الهياكل التأطيرية، بنيات التنشئة الاجتماعية، الأفكار، السلوكات، القيم والتمثلات...
وإذا كنا نعرف ان البداية الحاسمة لهذه التحولات قد ارتبطت بصدمة المجتمع اتجاه الاستعمار، وأثرها على تفكيك البنيات الاجتماعية القديمة، فانه يمكن أن نعتبر أن بروز ظاهرة «الشباب» كمرحلة وكسلوكات، هي نفسها وليدة هذه التحولات وإحدى أكبر تمظهراتها.
على المستوى الديمغرافي، انتقلت المجتمع المغربي إلى مجتمع شاب، يتضح ذلك من خلال حجم الساكنة الشابة التي تقارب الثلث، بانتظاراتها وقلقها وعنفوانها.
أما على المستوى المجالي، فتبقى التحولات المرتبطة بظاهرة التمدن، والارتفاع المطرد لنسبة الشباب القاطن بالمدينة، أكبر التحولات المؤثرة على سلوكيات وقيم الشباب المغربي، بالنظر إلى حجم الرهان الحضري في المغرب، حيث أن التطور الجارف للمدن، يخلخل كل الاستراتيجيات الاجتماعية والسياسية، وهو ما جعل المدينة المغربية تشكل فضاء لكل التغييرات الاجتماعية، بما في ذلك المعبر عنها بكثير من التوتر.
إن تأثير هذه التحولات على الشباب المغربي، لا يرتبط فقط بكونه يعبر عن ظاهرة جغرافية ومجالية، ولكن بالأساس من خلال مضمونه الاجتماعي والثقافي.
حيث يوجد الشباب كذلك، في قلب تحولات التشكيلة الطبقية، المتميزة أساسا بتراجع الطبقات الوسطى، هذه الأخيرة التي تبقى أساسية للتوازنات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، كمنتجة للقيم ورافعة للتنمية، ولا شك أن هذا التراجع في جوانبه الثقافية قد أثر على وظيفة التعليم ومؤسسة المدرسة كوسيلة للترقي الاجتماعي وعلى تراجع الموقع الاجتماعي للطالب المغربي...
من المؤكد، كذلك أن تحولات البنيات التأطيرية ومؤسسات التنشئة الاجتماعية، تأثر بقوة على سلوكيات وتمثلات وقيم الشباب المغربي.
فالمجتمع المغربي لا زال يعيش على إيقاع نتائج عملية تفكك المؤسسات التقليدية الكبرى، التي كانت تلعب، وظائف اقتصادية، سياسية، فكرية ودينية..
وحتى عندما حاولت الدولة المركزية، تعويض هذه الأدوار بظهور مؤسسات جديدة للضبط، فإن ذلك لم يقف في وجه اتساع مجالات الفراغ في عملية التأطير الاجتماعي.
وأكثر من مجالات الفراغ، فإن البنيات التأطيرية الموجودة تجعل الشباب يعيش تضاربا في القيم والمعايير السلوكية، بالنظر لغياب مشروع مجتمعي مرجعي يوجه الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام.

بقلم : حسن طارق
copy short url   نسخ
02/02/2018
2594