+ A
A -
العبد لله ممن ابتلوا بالقراءة والبحث، وعشق لغتنا العربية، التي هي أداة التواصل بين سعيد بن نغموش بن حليط في عمان، وسعيد بن وادية في موريتانيا، مروراً بكل السعداء في أرجاء وطننا العربي كافةً، حتى الأخ عيد سعيد في الأردن الحبيب، الذي لم يُتَلبَّس مبتسماً طيلة عمره المديد، ولأن هذه اللغة ثريةٌ بتعبيراتها الجميلة، ومفرداتها وصورها البديعة، فإن اللحن بها، والخطأ في التعامل معها، يقلب المعنى، ويسيءُ لها، فهي ليست عقيماً، كما يحلو لكارهيها القول.
نحن لا نطالب بالمستحيل، إنما بالممكن، وهو سلامة اللغة، وبخاصّةٍ من قِبل الإعلاميين الذين يُعتبرون معلمين وتربويّين، ولديهم ما تسمّى بالكاريزما، التي تحبِّب فيهم النّاشئة، والمتلقّين، لذا، يُفرض فيهم ما يُفترض في المثال أوالقدوة، لأن التربية تعتمد القدوةَ. في رحلة الإعلام،، كنت محظوظاً بالعمل مع أساتذة روّاد، ورغم أنني نُقلتُ لهذا العمل جاهزاً راسخاً في لغتي وتوجُّهاتي، إلا أنني استفدت كثيراً من صحبتهم وتوجيهاتهم..
كان مدير الإعلام الأستاذ الراحل محمود الشريف صاحب الدستور الأردنية، وأحد أبرز الإعلاميين العرب، وكان يدقّق، ويوجّه في كل كلمةٍ تنقلها وسائل الإعلام في دائرة عمله، ولا ينام قبل أن يسمع أو يشاهد آخر موجزٍ للأنباء، ويعلق على الصياغة، إن كان هناك ما يستحق التعليق.. وذات نشرة، وبعد قراءة نبأٍ عن انفضاض إضرابٍ في سيريلانكا، دُقّ جرس الهاتف في مكتب مراقب الأخبار الأستاذ محمود الخطيب:
-أهلاً بك، تمام يا بيك، صحيح يا بيك، حسن فلفل يا بيك..
فزعت وتوجّهت للمراقب:
-ما الحكاية؟
-أبوشوقي يسأل عمّن حرّر نبأ سيريلانكا..
أعطني الهاتف من فضلك، رجوت الأستاذ الخطيب..
- مساء الخيرات يا أستاذنا..خيراً؟
- أنت كتبت: ولما قضوا حوائجهم، عادوا إلى أعمالهم؟
-نعم، كتبت ذلك، وما الخطأ؟ شوقي يقول: بالروح ليلى قضت لي حاجةً عرضت..ما ضرها لو قضت للقلب حاجات؟
-هذا شوقي يا أخي، لكن لوكنت بين جماعة واتزنقت ماذا تقول؟ تقول عاوز أروح أقضي حاجة..لو كان بين مليون مشاهد شخص واحد شكّ في تعبير كتبته، فقد أخطأت، والناس كلها ما تعرفش صاحبك شوقي.
هكذا كان الأساتذة يقوّمون المتعاملين بميراثنا الجميل، وأنا لا أطالب بفقهاء في اللغة، ولكن بأن يحسن المتعاملون بها قواعدها، فهي أداة توصيلٍ، وإيصالٍ ووصلٍ.

بقلم : حسن شكري فلفل
copy short url   نسخ
02/02/2018
3723