+ A
A -
هل من «ووترغيت» أخرى تطيح بالرئيس الأميركي دونالد ترامب كما أطاحت الأولى بسلفه ريتشارد نيكسون عام 1974؟ فضيحة «راشن غيت» حول التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية لصالح ترامب؟ يقال ان التاريخ لا يعيد نفسه، ولكن اذا فُرض على التاريخ رجل يتباهى بـ«عبقريته»؟ وبما اننا نتكلم عن الولايات المتحدة فان وسائل المراقبة والمحاسبة كثيرة ومتعددة وبالأخص فعالة، وليس كما في بلداننا حيث لا سيادة للقانون، ولا احترام للحقوق والواجبات، ولا وجود لصحافة واعلام حر، ولا لوسائل المراقبة والمحاسبة.
واذا حصل وتعطلت كل هذه الأدوات فان «الفن السابع» جاهز لاسناد الصحافة واكمال المهمة، كما حاول ان يفعل المخرج القدير ستيفن سبيلبرغ. فقد روى في فيلمه الأخير «ذا بوست» (THE POST) كيف كشفت الصحافة الأميركية الكذب الذي مارسه البيت الأبيض والبنتاغون على الأميركيين عبر قيامها بنشر وثائق سرية تثبت ان وزير الدفاع في تلك المرحلة روبرت ماكنمارا نصح الإدارة بالانسحاب من حرب فيتنام التي وصفها ب»الخطأ الفظيع» والتي لا يمكن الانتصار فيها.
وحاول سبيلبرغ معها ايصال رسالة واضحة لساكن البيت الابيض اليوم، الذي يكره الصحفيين، من خلال تحدي الصحافة لمنع نشر الوثائق الذي فرضه يومها (1971) الرئيس نيكسون ومحاولته تسخير القضاء لترهيب الصحفيين. فقد قامت «نيويورك تايمز» أولا بنشر بعض من تلك الأوراق، فما كان من القضاء الا ان اصدر قرارا منع بموجبه استئناف النشر تحت طائلة ايقاف الصدور.
وهكذا وضعت «واشنطن بوست» أمام تحدين، الأول مهني وهو ضرورة الحصول على تلك الوثائق. والثاني تحدي «مواجهة منع النشر بالنشر» كما كان يردد رئيس التحرير يومها بن برادلي (دور يمثله توم هانكس) الذي توفي في 2014 عن 93 عاما، والمخاطرة بانسحاب الممولين واقفال الجريدة وتشريد مئات الصحفيين والعاملين فيها. ومع ذلك، تقرر صاحبة الجريدة (ميريل ستريب) النشر غير آبهة بالعواقب. فانقلبت الأمور رأسا على عقب، اذ تبعتها معظم الصحف الأميركية، وصوتت المحكمة التي أحيلت اليها بالأكثرية ضد المنع وايقاف الجريدة، فأسقط في يدي نيكسون...
ولاحقا خاضت «واشنطن بوست» نفسها معركة كشف الفضيحة الأكبر «ووترغيت» واجبار نيكسون على التنحي. وكان برادلي الداعم الأساسي لصحفيي الجريدة الشابين بوب وودوارد وكارل برنستين اللذين كشفا خيوط تورط رجال نيكسون في عملية التجسس على الحزب الديمقراطي.
هذا الدور يحاول ان يلعب جزءا منه اليوم الصحفي مايكل وولف الذي أصدر قبل اسابيع كتابا بعنوان «نار وغضب». يستشهد فيه بمصادر من داخل البيت الأبيض ليؤكد ان «ترامب غير قادر عقليا ان يكون رئيسا للولايات المتحدة، فهو لا يقرأ ولا يسمع وليس فضوليا». ويتكلم عن «الفوضى السائدة في البيت الأبيض»، وعن مساعديه الذين «يسخرون من قدراته».
بقلم:سعد كيوان
copy short url   نسخ
30/01/2018
2325