+ A
A -
تعتبر المناهج في حقل التعليم بمثابة الترمومتر يتحسس الأحداث ومستجدات الأوضاع في واقعنا المعاش، يستجيب لها ويؤثر فيها ويتأثر بها؛ فعلى سبيل المثال- لا الحصر- كم غيرت الولايات المتحدة مناهجها لمرات عدة من جراء أحداث استجدت خارجية وداخلية منها إطلاق أول قمر صناعي سوفياتي عام 1957 أدت هذه الحادثة إلى تغيير المناهج في الولايات المتحدة، وكذلك غيرت المناهج عند بروز عملاقين اقتصاديين جديدين هما كوريا الجنوبية واليابان، وأصبحا منافسين خطيرين للاقتصاد الأميركي أدى ذلك إلى تغيير المناهج مرة أخرى، كما أن التقرير الذي أصدرته إحدى اللجان الأميركية «أمة في خطر»، ونشر في الصحف العربية أدى هذا التقرير إلى تغيير المناهج فيها. فإذا قارنا واقع مناهجنا في قطر بما حدث في الولايات المتحدة نجد أن مناهجنا كانت تتسم بالجمود والقدم وهي عكس الديناميكية، فقد مرت علينا كوارث عديدة ولم تتغير هذه المناهج كالحروب المتتالية التي تعرض لها الإقليم الخليجي والعديد من الكوارث البيئية الأخرى والإشكالات ومناهجنا كانت نائمة في سبات عميق وكأن أحداث المنطقة والعالم لا تهمنا!!
إن صناع القرار التعليمي اليوم يبذلون الجهد في وضع سياسات تعليمية متميزة على أسس علمية واضحة الأبعاد محددة المعالم يمكن على ضوئها وضع أسس علمية لتحسين وتطوير المناهج، وتضمينها آخر مستجدات الأوضاع التي نعيشها ونعايشها وإدراجها في مناهجنا الدراسية، فقد أدرج قسم اللغة العربية في إدارة التوجيه التربوي بوزارة التعليم والتعليم العالي خطاب الثبات الذي ألقاه صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، في الحادي والعشرين من يوليو الماضي، ضمن مناهج اللغة العربية للمرحلة الثانوية.
وتهدف هذه الخطوة إلى ربط الطلبة بالقيم الاجتماعية والإنسانية الأصيلة التي تسود المجتمع القطري، والتي عبر عنها صاحب السمو في خطابه المهم، كما أنها تنسجم مع مناخ الصمود والعزة وبث الروح الوطنية لمجابهة ما تتعرض له دولة قطر من حصار ظالم وجائر.
وقد وظف قسم اللغة العربية وبإيعاز من إدارة التوجيه التربوي بوزارة التعليم الخطاب في المناهج المستهدفة توظيفاً تربوياً ضمن وحدة النصوص الإقناعية للمرحلة الثانوية في صورة نصّ محوري يدرسه الطالب ويتم فيه التركيز على استنباط القيم العربية التي عُرف بها المجتمع القطري، وعبّر عنها الشعب وقيادته تعبيراً تلقائياً يجسد الثبات، والعزة والرقي، والتسامح والعدل واحترام المواثيق والمعاهدات، والدفاع عن المظلوم، والتعاون بين المواطن والمقيم، وغيرها من القيم الإنسانية المتأصلة في وجدان كل قطري بما يؤكد أنها قيم متوارثة لدى الأبناء من آبائهم وأجدادهم.
وقالت السيدة موزة المضاحكة، مدير إدارة التوجيه التربوي ورئيس قسم اللغة العربية، إن إدارة التوجيه التربوي في وزارة التعليم والتعليم العالي تسعى لإكساب الطلبة آفاقاً معرفية واسعة عبر ما توفره من مصادر تعلم متنوعة، ذات صلةٍ بواقع الطلبة ومجتمعهم ووطنهم، كما تحرص الإدارة على تزويدهم بالمهارات الأساسية اللازمة للنمو الفكري والمعنوي وبناء الشخصية السليمة والتنمية الاجتماعية اللازمة لبناء المواطن الصالح.
وأضافت المضاحكة أنه في إطار مواكبة وزارة التعليم والتعليم العالي للمستجدات التي تتعرض لها دولة قطر حالياً، وعلى رأسها الحصار الجائر، وفي سياق تفاعل الوزارة مع الأحداث الراهنة، ونظراً لدورها الفاعل ومسؤوليتها المباشرة في مخاطبة الأجيال وتشكيل وعيها وترسيخ القيم لديها قامت إدارة التوجيه التربوي من خلال أقسامها المختلفة بالعمل على تضمين المناهج القيم التربوية السامية التي تناولها خطاب حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى والمتمثلة في تعزيز قيم المواطنة وثقافة الجد والعمل والإنتاج والاعتماد على الذات والاهتمامِ بالتحصيلِ العلمي في الاختصاصاتِ كافة، ومحاربةِ الكسلِ والاتكالية؛ لكونه وثيقة تاريخية تؤرخ لمرحلة جديدة وباعتباره خريطة طريق للعمل الوطني بما تضمنه الخطاب من قيم عظيمة.
وأكدت السيدة المضاحكة أن إدراج هذا الخطاب جاء ليكلل جهود واضعي مناهج اللغة العربية في تعزيز تلك القيم التي تطرقت إليها مناهجنا من قبل وضمن رؤية استشرافية؛ فقد جاء إدراج الخطاب ليتكامل مع خطاب سمو الأمير الوالد الذي ألقاه في افتتاح الدورة السادسة لمجلس الشورى والذي نصَّ على قيم وأهداف ورؤى راهنة ومستقبلية والذي تم إدراجه في منهج اللغة العربية للمرحلة الثانوية حينها.
الجدير بالذكر أن مناهج اللغة العربية بوزارة التعليم والتعليم العالي قد طرحت العديد من الموضوعات التي تعزز القيم المنصوص عليها في خطاب حضرة صاحب السمو كموضوع الصناعة الوطنية؛ الذي يؤكد ضرورة تنمية الصناعة الوطنية وتشجيعها لتحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي، وموضوع العمل المهني؛ الذي يعزز ثقافة العمل بشكل عام والعمل المهني بشكل خاص وتأكيد دور الشباب في المساهمة في التنمية الاقتصادية الشاملة، بالإضافة إلى موضوع أهمية العمل الجماعي؛ لتعزيز قيمة التعاون والتكاتف، وموضوع إقبال الشباب على المشروعات الصغيرة؛ لتعزيز مسار التنمية الاقتصادية، وغير ذلك من الموضوعات التي تعزز القيم المنصوص عليها في خطاب سمو أمير البلاد المفدى حفظه الله.
وكل هذا التحسين والإدراج والتضمين في المناهج التعليمية أعده ويعده كل عاقل وغيور ضمن الإصلاحات والتحسينات وأول الغيث قطرة.
وعلى الخير والمحبة نلتقي..

بقلم : يعقوب العبيدلي
copy short url   نسخ
29/01/2018
2542