+ A
A -
فكرت: ماذا إذا ما انشأنا، أنا وأنت، وهو وهي، جمعية أصدقاء مرضى فقدان الذاكرة؟
لمرضى القلب، أصدقاؤهم.. وجمعيتهم.. وكذا مرضى الكلى، والسكري والسرطان والايدز.. و.. أوليس هؤلاء الذين لم يعودوا يتذكروننا، هم الآن في أمس الحاجة، لأن نتذكرهم نحن.. نتذكرهم الآن، الآن.. قبل أن تتدهور ذاكرتنا، وتنهار كليا، ونحتاج، بالتالي نحن، لمن يتذكرنا؟
لنقدم السبت، إذن، لنلقى ((الأحد)) كما يقول المثل..
لنتذكر، أن هناك ثمة أناسا، غابت عنهم نعمة التذكر، فأصبحوا بيننا فقط، مجرد لحم وعظم وقلب، و..لا شيء آخر!
فكرت، ووضعت شروط الانضمام للجمعية: جمعية أصدقاء مرضى فقدان الذاكرة:
أول الشروط، ان تكون في تمام قواك التذكرية، حتى لا يفوتك اجتماع هام، وتجيء تتعلل، في اليوم التالي، بأنك لم تتذكر!
جملتك هذه، يمكن ببساطة أن تنقلك من خانة اللاعب، إلى خانة ((الاحتياطي)).. وما أكثر الاحتياطي في الفريق الآخر.. فريق الذين لم يعودوا يتذكرون شيئا!
هنا، استوقفتني (رويترز) منذ أيام: بثت خبرا عن بحث يقول ان ذاكرتك، تبدأ في التدهور بمعدل ثابت، منذ العشرينات.
لاحظ، مثلا، أنك تنسى أسماء، أو رقم تليفون أو وجها.. أو تنسى ما كنت تتحدث عنه، أصلا!
ماذا كنت اقول؟
آه (اللهم صل وسلم على المصطفى) كنت أقول عن رويترز، التي نقلت عن عالمة أميركية، اسمها دينيس بارك، في جامعة ميتشغان ان معدلات تدهور الذاكرة في ربيع العمر أو في خريفه، واحدة.. مما يعني أن الأفكار الشائعة عن تدهور الذاكرة، في (الخريف) ليست سوى أفكار (فالصو)!.
من (الربيع) إذن، ابدأ(بترييض) ذاكرتك: امش بها في (كورنيش) نفسك.. اركض، لتزيل عنها كل الشحوم، والدهون، والأملاح المترسبة، و.. و.. وتذكر ان ذاكرتك، مثل بدنك، لا يمكن ان تتجلى كما ينبغي، إلا بالرياضة العنيفة.
تجديد الذاكرة، بالرياضة.. ممكن.. ممكن، حتى لأولئك الذين، انهارت ذاكرتهم تماما..
من هنا، جاءت الدعوة لتشكيل جمعية أصدقاء مرضى فقدان الذاكرة.. وبالطبع، فان كل مريض ينبغي ان يلتف حوله الذين يعرفونه جيدا، والذين كان هو يعرفهم، بالطبع.
مثل هذا الالتفاف الحميم، ضروري..
إنه بالنسبة للمريض مثل (الحمية) للرياضي.. إنها تهيئ عضلات الذاكرة، للعب بسلاسة!
أتخيل: كلمة منك قد تغيب عن ذاكرة المريض، الذي تعرفه ويعرفك.. وقد تغيب كلمتان.. ثلاث.. أربع.
ولكن، في النهاية يمكن لكلمة ان (توخز) الذاكرة الميتة، وتصحو.. ولو للحظة.
أتخيل، هنا، فرحته هو.. وفرحك أنت، و.. و.. هكذا، بالمران اليومي يمكن أن نعيد لمريض فقدان الذاكرة، بصيصا من بريق ذاكرته الذي انطفأ.
ما هو مؤلم، إنك تفعل ذلك: تحاول أن تعيد ذاكرة من (ذهبت) ذاكرته، في تمام الوقت الذي تمعن فيه ذاكرتك أنت في الذهاب.
آه.. كلنا لآدم، وآدم من تراب!
بقلم : هاشم كرار
copy short url   نسخ
24/01/2018
2581