+ A
A -
يبدو أن موسم الصيف الذي يطول في الخليج سيطول أكثر وأن استبدلنا ملابسنا الصيفية بشتوية واعتقدنا أننا نعيش أجواء باردة غيّرت من نوعية طعامنا لنستبدل العصائر لمشروبات دافئة وبات جلوسنا باستضافة المدفئة أو كما يفعل عشاق الماضي بالجلوس أمام «شبه الضو» كما نسميها مستمتعين في البر وسيلين والشمال تحت ضوء القمر، ولو عدنا للصيف فأننا كثيرا ما نقول هي سحابة صيف وهي تلك الغيمة غير الممطرة بل العابرة دون إحداث أي تلف سوى ترك مجرد ذكرى لمرورها، وقد تقال مجازا عند حدوث أزمة لا تخلّف مشاكل، لكن السؤال هل يتذكر البعض سحابة صيف مرت فوق رأسه ليتذكر أيضا تلك الأزمات التي تمر في حياته لكنها وأن انتهت تترك ندبة في الروح.
وكثيرة هي تجارب الحياة التي يعيشها الإنسان خلال مراحل حياته التي تعتبر مدرسة للبشر فمن هؤلاء البشر من يتعلم الدرس ويتطور إلى مراحل أعلى ومستويات أفضل ومنهم من لا يعي الدرس جيداً، تجربة عجيبة وغريبة هي تجربة الحصار الذي نعيشه ونتعايش معه، والذي سنروي قصته للأجيال القادمة، وسيتناقل أعاجيبه جميع من يعيش على هذه الأرض ليس لسبب معيّن إلا أنه حصار جائر بدون أسباب ولا مبرّرات فعلية أو واقعية، وكل ما أعلن عنه من بعض الدول كان عبارة عن قصص قديمة تم منتجتها بشكل يخدم غرض ناشرها وأنا أقول إنها «تجربة» لأننا من التجارب نتعلم.
وما لا يُنسى أنه خلال هذه الفترة التي أثّرت فيها الأزمة على شعوب المنطقة في الجانبين من قطع لصلات الرحم والإضرار بالأملاك والمصالح، وكأن العلاقات والوشائج بين الشعوب تُقطع بجرّة قلم أو اجتماع يُحدّد فيه مصير شعوب هذه الأمة، مع العلم أننا والحمد لله أقلهم ضرراً، وذلك لأننا لم نمنع من السفر ولم نمنع من التواصل بل وعوضنا الله عن كل شيء بالأفضل واسألوا «نوايا الخير في قطر وقائدها تميم المجد» لتعلموا أن الله معها.
ولأنني مؤمنة بمبدأ دع السياسة للساسة إلا أنه لابد من التطرق لكثير من الدروس والعِبر التي تعلّمناها كشعب مواطن ومقيم، جعلتنا أقوى من ذي قبل بل والجميل في الأمر أن التلاحم زاد بيننا مع الحرص بلا شك على العلاقات الأخوية بين شعوب الخليج كما كانت وستظل، إضافة إلى الترفع عن المهاترات والبذاءات وعدم الانزلاق إلى الإسفاف الذي وصل إليه البعض والتي وللأسف صدرت وبشكل مُستغرب من عدد من المسؤولين في دول الحصار.
خلال فترة الحصار تعلّمنا الاعتماد على النفس والاكتفاء الذاتي لاسيما أننا تعلّمنا درس عدم الاعتماد على الأخ والصديق حتى وإن كان حبيباً لأن طعنة الغدر مؤلمة لا تُنسى ولا تُغتفر وما أقساها إذا كانت من أقرب الناس إليك.
وبالعودة لحصار قطر فإن البعض منذ البداية اعتبرها سحابة صيف واليوم بعد مرور هذه المدة ما عاد بالإمكان إلا اعتبارها جرحاً نازفاً وإن التئم، وحقيقة استغرب من بعض الذين باتوا يتعاطفون مع من ترك بصمة حقد وشتم للبلاد في أغنية أو مقطع تمثيلي، ألم نقاطع من غنى ضد الدولة وصدح بصوته الأعجوبة ذاماً وشاتماً قطر بعد أن كان مادحاً، هؤلاء الذين استبدلوا أغاني فناني العار بمطربين أكثر احتراماً والتفتوا أكثر لفناني الدولة ممن صدحت أصواتهم وطنية بات البعض منهم يستمع مرة أخرى لمن صدح بعلم قطر وغيرها فقط لأنه يتابع الجديد، سؤال لهؤلاء ألا تخجلون أن تصدح فيديوهاتكم القصيرة عبر السوشيال ميديا بأغنيات جديدة أو قديمة لمن شتم الوطن وتطاول على الأمير «يا أخي إذا بليتم فاستتروا» وأنا أراه ابتلاء أن تسمح لنفسك أن تتابع هذه الأسماء فقط لمزاجك، وعذرا لا تضع لنفسك خط رجعة بأن لا ناقة لهم ولا جمل،، فلماذا وجدتم في كل هذا التطاول مجرد «سحابة صيف»؟
ولأن رمي الافتراءات وإلصاق التهم جزافاً ضد قطر ليس مستغرباً على كثير من الجهات والمؤسسات الممولة من جماعات بل ومن دول كرّست كل قوتها لمعاداة دولة قطر في كثير من المحافل، بسبب مواقف قطر المشرفة على كافة الأصعدة، وذلك عن طريق نشر تقارير وأخبار مفبركة لا تمتّ للحقيقة بصلة، كما هو معروف، وبصراحة غير مؤذية معنوياً، لأنها أصبحت أسطوانة مشروخة نسمعها بشكل متكرّر نعلم ويعلم العالم كله أن لا أساس لها من الصحة، لأن شغلهم الشاغل هو ذلك فلا عجب أن طعنة الغدر هي التي تصيب في مقتل خاصة عندما تأتي من أقرب الناس، ولكن الأكثر عجبا هو تطبيل البعض لفئة الفنانين ممن استخدم فنه ضد البلاد وسيدي تميم المجد، وكأن الحياة ستتوقف بلا الاستماع لفنهم الهابط وأقول هابط لأنه يدس السم وينشر الكراهية ليس إلا، فإذا كانت هذه الفئة قد تطاولت فكيف للبعض أن يقبل بمتابعته والتطبيل له والتمايل على صوته ومفرداته المسروقة ربما أو تلك التي لا تحمل إلا عفناً فنياً يفوح كراهية وحقدا.
وختاماً.. تحية لفناني الدولة وشعرائنا ممن سخروا فنهم كلمةً ولحناً وغناءً لخدمة البلاد والتغني بمجدها وعز قائدها وللعلا يا موطني.
بقلم : ابتسام الحبيل
copy short url   نسخ
13/01/2018
3431