+ A
A -
لا شك أن حادثة الضرب التي تعرض لها مدير مدرسة ثانوية،ونائبه على يد أحد الطلاب بمساعدة بعض من أفراد اسرته من الحوادث الصادمة للمجتمع القطري والتي لا يمكن تقبلها بأي حال من الأحوال،وعلينا أن لا نعتبرها حالة فردية تتم معالجتها بمعزل عن كل المظاهر،والسلبيات التي كانت تنذرنا أصلا بحدوث مثل هذه الحوادث، وخاصة أن تنامي ظاهرة العنف في المدارس أصبح من المظاهر المتكررة،و المرصودة حتى في مدارس البنات كما ذكرنا في مقال قديم،ومن المفيد أن نتخذ من هذه الحادثة فرصة للتذكير،و الاهتمام بتفعيل المشاركة المجتمعية خاصة أن العملية التعليمية الآن لم تعد تحتمل عدم مشاركة المجتمع،ودعمه كون المعوقات التعليمية في أساسها باتت تربوية،وأخلاقية.
بعد كل هذه السنوات علينا أن نتساءل لماذا تبدو العملية التعليمية لدينا متعثرة،ولماذا مازلنا لا نشعر بالأمان التعليمي سواء من قبل العاملين في هذا المجال،أو من متلقي العلم؟؟ لماذا لم نصل إلى صيغة تفاهمية،تعاونية بين الطرفين حتى الآن؟؟،ولماذا تواجه العملية التعليمية الكثير من المطبات؟؟برغم كل الجهود المبذولة،ومحاولات التطوير المستمرة؟
من المؤكد أن هناك مشكلات،وعراقيل،وسمات مميزة لكل مجتمع يجب تشخيصها قبل وضع خطة المسيرة التعليمية لأي بلد.الأمر الذي لم يخف على واضعي الاستراتيجية التعليمية لدينا،وقد لمسنا ذلك من خلال الجهود المبذولة...إلا أن الحماس لتحقيق هدف ما أحيانا لا يكون كافيا!!!!.و محاولة استيراد استراتيجيات تعليمية غربية متطورة،ذات نتائج مميزة وتطبيقها لدينا أمر أثبت فشله إن لم نضع في الاعتبار ما سبق،بالإضافة إلى معطيات عالمية اخرى جعلت من التعليم في الدول التي طبقتها كيانا بنائيا عاطفيا جياشا ساهم في بناء الحضارة،وتكوين شخصيات إنسانية متعلمة،ومميزة. اليابان نموذج..حيث أن تربية القلب التي تعني بتربية الشخصية الكاملة هي أساس التعليم فيها.
ربما من غير الواقعي أن نطالب بمثل هذا النموذج لدينا لكن الأمر المهم الذي أصبح من العبث عدم التركيز عليه والأخذ بكل اعتباراته هو الإنسان الذي تقوم من أجله العملية التعليمية بأكملها،هو الطالب الذي يعد من الأجيال الحديثة والذي كبر ليجد بينه وبين آبائه،والجيل الذي يصنع له خطته التعليمية ثغرة واسعة فكرياً،وعاطفيا بقدر ما فرض عليهم من حياة حديثة،مادية،جافة في أغلبها أفقدت الكثيرين منهم الشعور بالاهتمام العاطفي،والحب الوالدي غير المشروط،والإنتماء،والتربية السليمة وحيث أن المؤسسات التعليمية، والعملية التعليمية بحد ذاتها أصبحت جافة تفتقد كثيراً إلى العاطفة،و كما يعبر طلابنا...إلى الإحترام المتبادل أيضاً،والتفهم.حيث أن المعلم المضغوط بالواجبات،واللوائح،و الوقت بات يجد صعوبة في خلق علاقة متوازنة تجمع بين الإلتزام،والقدرة على العطاء الممزوج بالحب أمام جيل كما يراه متمردا،لا يعرف الإحترام،ولا يجيد التعامل إلا بما يعيق العملية التعليمية من باب العبث،وعدم الجدية.بينما أجدها صرخة اعتراض،ورفض لجيل يبحث عن الحب،والتفهم،والتسامح،و الإحترام،والكرامة.فمتى سنجد توجهاً تعليميا قائما على الثقافة العاطفية؟؟
بقلم : مها محمد
copy short url   نسخ
09/01/2018
3794