+ A
A -

قد لا تَخونُكَ الظروفُ لتُصْغِيَ إلى مَعزوفة قلبِكَ الحزينة وهو يَنتفض تحت لفح الهوى الذي يَجلده بأسواط ألسنة النيران، وأي نيران؟! إنها تلك التي تَقول للروح: «ذُوبي، ذُوبي، هذه ضَربتي والليلة مَوعدي»..
لكن هل لك أن تُسَمِّيَ ضَربةَ الهوى ليلة؟!
وإن كانت ليلة، هل لك أن تُكَذِّبَ أنها بطول العمر؟!
وإن شاء لك العمر أن تَسقط من سفينة حياتك المملة في بحر العواطف، ألن تتوقع أن يَجْرِفَكَ مَوْجها إلى قاع اللاَّرَجْعَة؟!
مَوعد يَضْرِبُه لكَ عُصفور الحُبّ في محطة أو في أخرى، قد لا يَفوتُكَ أن تتفادى الحديثَ عنه وكأن مجرد استحضار مُفْرَدَة الحُبّ عار وجريمة، ومتى؟! في زمن جَرَّمُوا فيه الحُبّ وعَقَدُوا الزواجَ مع الحَرْب.
تاريخُنا مِن العامّ إلى الخاصّ حافل بالهزائم والخسارات التي تُكَلِّفُها الحربُ، مِن حروبنا القومية إلى تلك الحروب النفسية التي تَعيث فسادا في ساحة الروح، لكننا نستكثر على أنفسنا أن نُحِبّ.
أحقا مِن الهَيِّن أن نَستكثرَ على أنفسِنا أن نَتبادل وُرودَ الحُبّ التي كانت تَكفي لِتُطْفِئَ براكين الغضب التي تمحق صدورنا على مَرّ التاريخ؟!
ومِن شدة الانتصار على الحُبّ (وليس الانتصار له، بِتْنَا نُعَوِّدُ النفسَ على الصبر، الصبر على الأذى الذي يُلْحِقُه بنا مَن يَتعاونون على زرَع الأشواك في طريقنا حتى نَهْجر الحُبَّ، ويُحاسبوننا على الكلمات التي لا يَفهمون كيف يعقل أن يُعيدوا تسديدها في مَرمى حياتنا على شاكلة لكمات..
الحُبّ حياة، وليس إبادة، بالتالي ما معنى أن يَحرص البعضُ وما أكثرهم على قتل الحُبّ إن كانوا يَحرصون على الحياة؟!
وأيّ حياة هذه التي ستكون لِمَن لا قلب له؟!
وأيّ قلب هذا الذي سيَنبض في صدر الواحد منهم إن كان يَجهل لغةَ الحُبّ التي بها فقط تَتَفاهم القلوبُ نَبْضاً؟!
ما كان الحُبّ يوما جريمة لنَنْبذه ونَتحاشى مَن يَتعامل به.
الحُبّ عُملة نادرة، لكنها تُساوي الكثير والكثير في مصارف القلوب.
الحُبّ يَزِنُ الشيءَ والشيءَ والشيءَ في ميزان الروابط المتينة التي عليها تتأسس الصِّلاتُ..
الحُبّ شعلة نار تَكفي لتدفئتك في هذا الزمن البارد..
الحُبّ شمس مِن غير الحكمة أن تُطْفِئَها لتَتَخبط في ستائر الظلام..
الحُبّ قانون بَحري يُنَظِّمُ سُفنَ العواطف العابرة للمحيطات..
الحُبّ دِين القلوب، فكيف لك أن تَكفر به حَدّ الإلحاد؟!
كل هذا وذاك تُتَرجمه ترجمةً رقيقةً رائعةً مِن خالدات الأغنيات الرومانسية التي ستُعَشِّش في أعماق قلبِكَ كما تَفعل جذور الشجرة التي لا تَموت مهما اجتهدَتْ عواصف الزمن واتَّحَدَتْ لِتُطِيحَ بصومعة خُضْرَتِها..
ما أحلاه الهيام حنينا إلى الزمن الجميل الذي تُسافر بنا إليه الموسيقى الهندية!..
سَفر حالِم إلى جِنان الحُبّ نَشهدُه طيرانا على أجنحة حبال صوتية دافئة، دافئة بالحُبّ، لِتَقولَ وتُعيد، وتُحَدِّثنا عن عوالم نوستالجية كتبَتْ تاريخَ الحُب الفريد.. ما عليكَ سِوى أن تَجمع حقيبةَ أشواقِكَ لتلتحِقَ بنا إلى زمن الحُبّ وتَقتاتَ من عَسَلِه ما يُداوي صداعَ الحرمان..
«TUM HI HO» عنوان الأغنية التي حَصَدَتْ ملايين الْمُشاهَدات، ربما لأن الْمُشاهِد الذي يَجري بين ضفتي يمناه ويسراه نهرُ الإحساس يَعرف كيف يَلتقط لحظاتِ الصدق التي تتزامن مع جرعات الألَم العاصِف بعرش قلبِكَ حين يَستسلِم لغريزة الْحُبّ..
الْحُبّ الصادِق نص غائب، لكنه عندما يَحضر يُذيبُ قطبَ قلبكَ المتجمِّد، ويُرديكَ قتيلَ نارِه التي تُجرِّعُكَ نبيذا أحلى من العسل دون أن يَلسعَكَ مُرُّه، لكنه مُرّ لا نظيرَ له، الْمُرّ الذي لا يَختلف عن شرّ لابدّ منه..
أديتيا روي كابور ADITYA ROY KAPUR يُجَمِّلُ الألَمَ لِيَنْبض بتجليات الروعة التي تَقودُكَ على ظهر سفينتها إلى جزيرة السلام الروحي، إنه ذاك الذي يُبَعثرُكَ انتظارُكَ له قبل أن يُلملمَكَ تَوقُكَ إلى الغرق أكثر فأكثر في بحر اللذة الفنية التي تَغتسل بها روحُكَ التَّوَّاقة إلى انتشاء يَتجاوز مُدن الذوبان بمسافات ضوئية..
في لازِمة صوتية تَحرق أوراقَ قلبك لِتُجَدِّدَ اشتعالَه مع انبعاثها في كل وقت وحين، تَركب موجَ أشواقِكَ لتلتحقَ بساحة نزال الحُبّ الدفين، وأيّ حُبّ؟! ذاك الذي تَنكسر فيه سيقان حصان قلبِكَ الأمّار بصهيل واشتعال:
«KYUNKI TUM HI HO
AB TUM HI HO
ZINDAGI AB TUM HI HO»
غُيوم الدفء الهائمة بها الروحُ تَقولُ وتقول، قَدَرُكَ ينتفض انتفاضةَ صرخة لا يُسعفها الصوت، ليلكَ يَغْدُو ذَيْلاً للعمر الحالِف ألاَّ يَعود، وخطواتك الميَّالة إلى الصمت يُغادِرُها الزمنُ ويَتركُ حذاءَه قبالتَها مُثْقَلاً بتراب الذكريات الجاثمة كاللعنة..
صوت مذبوح يتطايَرُ دَمُهُ لِيُلَطِّخَ جدران عاصمة الإحساس المسمَّاة قلبك.. صوت تَصِلُكَ بحَّة عصفوره المجروح لِتُوقِظَ خلاياكَ النائمة خلية خلية:
«لا أستطيع أن أحيا بدونكِ
ما سبب وجودي بدونكِ؟
إذا فارقتُكِ فإنني سأفارق نفسي
لأنكِ أنتِ وحدكِ أنتِ وحدكِ في حياتي أنتِ وحدكِ
أنتِ حياتي الآن
أنتِ سلامي وألمي
أنتِ حُبِّي الوحيد
ما خطب علاقتنا؟
لا أقوى على الابتعاد لحظة
أعيش كل اليوم لأجلكِ
كل وقتي لكِ
لا وجود لأيّ لحظة عندي بدونكِ
اسمكِ في كل نَفَس أتنفسه
أحيا لأجلكِ فقط
لقد أبعدتُ نفسي عن هذا الطريق
سَلَّمْتُكِ نَفْسِي
اهتمامكِ الصادق بي
أبعد كل الحزن عن قلبي
معكِ قَدَري انضمَّ إليّ
بعد أن حصلتُ عليكِ لم أعُدْ غير كامِل».
كلمات رقيقة يَنحني لها الحَجَرُ تُسافر إليكَ على بريد الشوق الذي تَحبل به أنفاس موسيقى نوستالجية تَرفعُكَ إلى مدارج الفخامة التي تَليق بالأذن الموسيقية، كلمات نائمة في سرير الزمن الضائع بعيدا عن فراش الحنين ووسادة الحُبّ الناعمة..
انتصار الانتظار، حرارة الحُبّ، دوامة الدموع، غَيَاهِب الغياب، حرقة الحنين، شواطئ الشَجَن، أسوار الألَم، لهفة اللقاء، وَجَل الوداع، ترنيمة الترقُّب، سطوة السهاد، ظِلال الظمَأ.. كل هذا وذاك يُوحي به نَص طربي تَقتحم طيورُه قلعةَ الروح الْمُحَصَّنة لِتُطلِقَ سراحَ نَسيم تعثَّرَتْ أقدامُه لِيَنْأى بِذَاتِه عن أشجار مَلاذاتِه..
أديتيا روي كابور بقيثارة صوته الدافئة يُدَرِّبُ روحَك على العزف على أوتار الحنين الْمُخَبَّإ في حقيبة السنين الهاربة بعيدا عن قَبضة طفولة المشاعِر الْمُذعِنة لكلمة الْحُبّ الثائر..
بَيْنَ حُبّ يَطردكَ مِن الْجَنَّة وحُبّ يَقودُكَ إلى الجنة اختيار وقَدَر.
بقلم : د. سعاد درير
copy short url   نسخ
06/01/2018
3230