+ A
A -
عندما وقف رئيس جهة «الشرق» المغربية وسط الجماهير المحتجة، على خلفية الأحداث الاجتماعية بالمدينة المنجمية «جرادة»، فإنه خاطبهم قائلا بأنه مجرد «مسؤول محلي صغير» وان أهم ما يمكن أن يقوم به هو أن يطلب من وزراء الحكومة القدوم من مكاتبهم بالرباط إلى طاولة الحوار مع ممثلي السكان بهذه المدينة المهمشة.
بعد ذلك بعد أيام، استقبل رئيس الحكومة بصفته الحزبية، كأمين عام لحزب العدالة والتنمية، مجموعة من المنتخبين المحليين المنتمين لحزبه على مستوى المدينة المذكورة.
إذا كان تصريح رئيس الجهة، قد أثار الكثير من الملاحظات المتعلقة بمدى الصلاحيات الممنوحة للجهة كتنظيم للديمقراطية المحلية ولتمثيل الساكنة، على مستوى تدبير قضايا القرب، خاصة بعد مخاض طويل من الحوارات الوطنية والتشريعات الدستورية والقانونية، والتي رافقها تضخم خطابي في الحديث عن «الجهوية المتقدمة» كخيار في الحكومة المحلية.
فإن حدث الاستقبال الذي جرى بمدينة الرباط، قد كشف هو الآخر على حجم المفارقات التي لا تزال تحكم واقع العلاقة بين المركزي والمحلي، ذلك أن المنتخبين المحليين اضطروا للسفر للعاصمة للتداول في قضايا محلية مستعجلة جعلت الشارع يتحرك بقوة، وهو ما كان يفترض، على الأقل تنظيم لقاءات على المستوى المحلي.
الواقع أنه مع دستور 2011، يمكن القول إن متغيرات كبرى همت الديمقراطية المحلية، والجهوية المتقدمة، خاصة على مستوى ارتفاع الفصول الدستورية ذات الصلة بالجماعات الترابية، وربط تفعيلها بالقوانين التنظيمية.
داخل منطق القانون العام الداخلي، دأب الباحثون على التمييز بين جهوية إدارية (جماعة محلية ترابية)، والجهوية السياسية (برلمان جهوي)، على أساس معيار الاختصاصات السياسية الموزعة بين الدولة والوحدات الترابية، وبنيات تدبيرها. لذلك فهمت الجهوية المتقدمة كخطوة بين النمطين السابقين، أكبر من الإدارية وأقل من السياسية.
لكن الممارسة لحدود اليوم لا تسمح سوى بإمكانية الحديث عن تجربة محتشمة لا تتعدى سقف الجهوية الإدارية قي أحسن الحالات، تجربة تنهض على الازدواجية المؤسساتية (دولة/جهة)، لكنها تخفي في واقع الأمر موقعا هامشيا للمنتخبين في دائرة القرار المحلي الذي لايزال محكوما بالنفس المركزي.
بقلم : حسن طارق
copy short url   نسخ
05/01/2018
2589