+ A
A -
أكثر ما لفت انتباهي في أحداث إيران أمس، قول الرئيس حسن روحاني على موقعه الالكتروني إن «اقتصادنا بحاجة الى عملية جراحية كبيرة». فقد كان قوله هذا، كرئيس، دليلا على ان القضية مالية اكثر من كونها سياسية، رغم ان موجات الاحتجاج بشتى انواعه تتبادل المواقع وقت الازمات، ويكثر القيل والقال، فيختلط السياسي بالاقتصادي والمخابراتي بالأمني، ثم تبدأ احاديث الطرشان والحروب النووية!
لا أقصد هنا التهوين ولا التهويل، لكني احب ان انبه الى ان الازمات كثيرا ما تخرج عن السيطرة اذاطالت، مما يحفز اي مهتم، للبحث عن الاسباب الحقيقية لما يجري من احتجاجات في ايران، منذ انطلاقها من مدينة مشهد مساء الخميس الماضي.
وقد أقر روحاني ذاته يوم الاحد، بضرورة منح السلطات مواطنيها مساحة للانتقاد. وهذه لم تكن المرة الوحيدة بل ربما المائة التي دعا فيها الرئيس الى الانفتاح على الشعب والتفاهم معه على حل مشكلاته.
ولا يهمنا كثيرا انتهاز ترامب ما يدور ليتحدث عن الوضع الإيراني، موحيا بأنه المحرك والموجه لما يجري في ايران (وهذا كذب)، مقارنة بقول الخارجية الروسية مثلا ان ما يحدث في طهران شأن داخلي وأن اي تدخل خارجي يهدف لزعزعة الاستقرار أمر مرفوض.
المعلومات المتوافرة حول حقيقية ما يحصل، لا تكفي لإصدار الاحكام او الاستعجال في استخلاص النتائج، رغم اعلان السلطات الرسمية عن اعتقال «400» نصفهم في طهران، ورغم بعض القيود الحكومية ومن بينها حجب وسائل اتصال الكتروني عن الهواتف المحمولة منعا لوقوع احتجاجات جديدة كذلك اعلن عن مقتل خمسة عشر شخصا وإحراق مواقع وسيارات للشرطة، فيما انتقد قياديون ما وصفوه بترديد شعارات مسيئة للثورة ولبعض المسؤولين.
وفيما نُشرت مقاطع مصورة على مواقع التواصل لمتظاهرين يهاجمون مباني عامة ومراكز دينية ومصارف تابعة لقوات «الباسيج»، فقد استغلت دول كالبحرين الأحداث لتدعو مواطنيها لعدم السفر الى ايران بسبب مايحدث هناك.
وإذا كانت شخصيات رائدة كروحاني ولاريجاني قد هددت بالتعامل بقوة «ضد الذين يرتكبون أعمال تخريب، او ينشرون الفوضى»، فإن الشعارات السياسية الخالصة، كانت شبه غائبة عن الاجواء، فيما تفحص محللون باهتمام ما قاله «اسفنديار ب» مؤسس منتدى الاعمال الاوروبي - الايراني لوكالة فرانس برس من ان «ما يجعل الايرانيين ينزلون الى الشارع في معظم الاحيان، هو المشكلة الاقتصادية والشعور بالاحباط. لتقلص فرص العمل وكثرة البطالة والقلق من مستقبل العائلات».
غير أن الغلاء والضائقة المالية التي يلمسها الناس، لا يمكن تغييبها بالطبع، كما لا يجوز الإنكار بأن من الأسباب الرئيسية في حدوث ذلك هو انفاق المليارات على التدخل في شؤون دول عربية مجاورة وإنشاء عشرات الميليشيات المسلحة. اما البحث عن الحل فيجب ان يبدأ بوقف تلك النشاطات المكلفة.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
03/01/2018
2850