+ A
A -
في الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب الذي عقد بطلب أردني قبل أسبوعين، حرص الجانب الأردني على تضمين البيان الختامي بندا يدعو لعقد قمة عربية طارئة في عمان، على أن يقرر الوزراء بشأنها في اجتماعهم المحدد بعد شهر من تاريخ انعقاد «الطارئ».
لم تكن بعض الدول العربية متحمسة كثيرا لفكرة القمة العربية الطارئة، وجادلت كثيرا قبل أن تسلم بها تحت إصرار أردني ودعم من دول عربية أخرى في مقدمتها دولة قطر.
ليس واضحا بعد ما إذا كانت القمة ستعقد أم لا، فهناك اعتقاد لدى بعض الدول العربية بأن قمة التعاون الإسلامي في اسطنبول أدت الغرض نيابة عن العرب والمسلمين مجتمعين، وبعثت برسالة موحدة للعالم أجمع ولإدارة ترامب.
لو سلمنا بصحة هذا القول، إلا أن أهمية تحرك المنظمة الإسلامية ليس بديلا عن التحرك العربي.وثمة تطورات وتداعيات مرتقبة لقرار القدس على مختلف الصعد تتطلب خطة عمل عربية لمجاراتها. فالإدارة الأميركية تفكر بطرح خطة للسلام في الشرق الأوسط، وهناك محاولات للاستفراد بالقيادة الفلسطينية والضغط عليها للقبول بتنازلات خطيرة عن حقوق ثابتة للشعب الفلسطيني.
وعلى المستوى العالمي تشكل تيار دولي عريض مناوئ لقرار ترامب اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، يلقي على العرب مسؤوليات جسام لتوظيف هذا الزخم قبل أن يتراجع والضغط على إدارة ترامب للتقدم بخطة سلام مقبولة فلسطينيا وعربيا.
إسرائيل بدأت تحرك دبلوماسي مكثف لاستثمار قرار ترامب، رغم الصفعة التي تلقتها بتصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولابد من تحرك عربي لإحباط خطط حكومة نتانياهو، التي نجحت أخيرا بإقناع حكومة جواتيمالا بنقل سفارتها للقدس المحتلة. وهناك عشر دول تفاوضها إسرائيل حاليا لنقل سفاراتها.
صحيح أن هناك وفدا من وزراء الخارجية العرب سيزور عواصم عالمية لحشد التأييد للموقف العربي، لكن من الأفضل أن يكون هذا الوفد مسلحا بقرار من قمة عربية وليس اجتماعا على مستوى الوزراء.
ينبغي على زعماء عرب أن يتحركوا على الساحة الدولية. منذ صدور قرار ترامب الزعيم العربي الوحيد الذي بادر لزيارة عواصم عالمية لكسب التأييد للموقف العربي هو الملك عبدالله الثاني الذي زار باريس والفاتيكان، ويخطط لزيارات مماثلة لعواصم عالمية.
بالنسبة للجانبين الأردني والفلسطيني، عقد القمة العربية الطارئة ولتكن قمة القدس، مسألة في غاية الأهمية. بعد الاجتماع الوزاري في القاهرة والقمة الإسلامية في اسطنبول ترك الجانبان الأردني والفلسطيني وحدهما في الواجهة، يخوضان معركة القدس ويواجهان الضغوط الأميركية والإسرائيلية، وربما يدفعان الثمن وحدهما أيضا، بعد تهديد إدارة ترامب بقطع المساعدات عن الدول التي صوتت لصالح القرار الأممي.
هذا ليس بالوضع المنصف، وينبغي ألا نقبل بتحمل تبعات المواجهة بدون غطاء عربي حقيقي وفاعل. يتعين على جميع الدول العربية أن تتحمل مسؤولياتها في الصراع، حتى لا نلام مستقبلا على نتائج قد لاتكون مرضية.
دول عربية عديدة وجدت في الموقف الأردني والفلسطيني الصلب من قضية القدس وسيلة للتهرب من تحمل واجباتها في صراع يتسم بطابع كوني، وفي مواجهة عملاق دولي بحجم الولايات المتحدة ليس لدول عربية القدرة على منازلته منفردة.
على الأردن أن يصر على عقد قمة عربية طارئة في عمان بأسرع وقت، ليضع العرب جميعا أمام مسؤولياتهم التاريخية تجاه فلسطين والقدس، ونتقاسم أعباء المواجهة بكل أشكالها، عوضا عن تشتيت الجهد وإشغال الأمة بمعارك جانبية مع عدو وهمي.
بقلم : فهد الخيطان
copy short url   نسخ
29/12/2017
2505