+ A
A -
روى الصحفي والأديب الفلسطيني «ناصر الدين النشاشيبي» في كتابه بلاش سياسة حكايات عن زعماء ورؤساء عقد مع بعضهم صداقات وأجرى مع البعض الآخر حوارات، لا أهمية لنتائج تحليلنا لما حدث لهؤلاء بعد ذلك، فهذا القدر من معرفة كيف يفكرون ويتصرفون يكفي لنشعر بالشفقة على مصير الشعوب التي أوقعها سوء الحظ تحت سيطرتهم، يروي الصحفي الراحل «ناصر» أنه قابل اميلدا ماركوس السيدة الأولى في الفلبين في نيويورك، وسألها عن الثورات والقلاقل والبراكين التي على وشك الانفجار في بلدها، واذا بها ترد بهدوء: هذا كله غير مهم، هل تحب أن تسمع غنائي؟ يقول ناصر:-اندهشت وقلت لها: «ولكن الثورة...لنكمل حديثنا عن الثورة» فقالت «ليس هناك ثورة...اسمع» وضغطت على زر بقدرة قادر فظهرت أمامي فرقة موسيقية كاملة، هذا يعزف على الناي، وذاك على الكمان، وفي خمس دقائق انتصبت الميكروفونات وقامت السيدة الأولى وبدأت بالغناء!! واقعة أخرى يقول فيها:-ذات مرة ذهبت إلى الزعيم السوداني محمد علي محجوب والدنيا مقلوبة في السودان والشيوعيون على الطريق، وبادرته قائلا: «ايه يا محجوب، ايه يا حبيبي؟ وكان صديقي وكنت أزوره في القاهرة أو في الخرطوم، وأفاجأ بالأخ محجوب يقول لي: انت ما سمعتش آخر قصيدة لي؟» وإذا بمحجوب الطويل العريض، الرجل الذي بلغ الخامسة والستين من العمر يقرأ القصيدة متغزلا ببنت لبنانية عمرها 17 عاما رآها صدفة، وعدت أناشده «يا محجوب يا حبيبي، يا دولة الرئيس، خلينا نحكي بالسياسة» ومحجوب يصر على ان يسمعني القصيدة، وقضى الباشا فؤاد سراج الدين الرجل الوطني الشريف الذي تحدى قرارات الملك والإنجليز عدة مرات معظم حياته متنقلا من سجن لآخر، دخل السجن في عهد فاروق وفي عهد جمال وفي عهد السادات وكل مرة بتهمة مختلفة، مما حدا بشقيقه عبدالحميد سراج الدين وكان على علاقة طيبة بأنور السادات منذ ان كان عضوا في مجلس قيادة الثورة، وقبل ان يصبح رئيسا، إلى ان يسأل عن السر في هذه الاعتقالات المتكررة لشقيقه، هل هناك شك في وطنيته؟ فكانت الاجابة واضحة:-لا نشك في ذلك فقد حارب الانجليز بالسلاح وهو وزير الداخلية، فتساءل عبد الحميد مرة اخرى: «هل عندكم شك في ذمته المالية؟ فأجابه أنور السادات:-أبدا.. لقد شهدنا بنزاهته في محكمة الثورة، فسأل عبد الحميد للمرة الثالثة أو الرابعة وهو مندهش «إذن لماذا تلقون القبض عليه باستمرار؟» رد السادات قائلا: لأنه رجل قوي!

بقلم : وداد الكواري
copy short url   نسخ
26/12/2017
3115