+ A
A -
نظم مركز الحماية والتأهيل الاجتماعي أمان ومؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك، ملتقى العنف ضد المرأة في الإعلام والدراما بالدوحة 20 ديسمبر 2017، حضره صفوة من الفنانين والإعلاميين والمثقفين، وخرج بتوصيات، منها: ضرورة اعتماد مسودة أولية لمشروع ميثاق أخلاقي لتناول قضايا العنف الأُسَري في وسائل الإعلام، وتكرار هذا الملتقى كمبادرة قطرية، ديسمبر كل عام، وتطويره من المستوى الخليجي إلى العربي ثم الدولي، وأن تشمل قضايا العنف الأُسَري، وتخصيص يوم قطري للمرأة لمراجعة القوانين والتشريعات الوطنية والبرامج المؤسسية المختلفة، تعزيزاً لمكانة المرأة في المجتمع، وإنشاء مرصد إعلامي اجتماعي لرصد صورة المرأة والظواهر الاجتماعية السلبية عبر مختلف وسائل الإعلام، على المستوى الخليجي كبداية.
دعونا نتساءل: لماذا العنف ضد المرأة؟
أولاً: العنف ضد المرأة، جزء من العنف العام في المجتمعات العربية، مستشر ومتجذر وممتد من الجاهلية، تجلى في مظاهر عدة على مر التاريخ: الغارات القبلية طلباً للمغانم، وعرفاً مألوفاً في حل النزاعات على الحمى والمرعى، والخلاص من الأنثى وأداً للعار، والصراع الدموي المستمر على السلطة، وبشاعة التنكيل بالمعارضين، وظاهرة الانقلابات العسكرية، وجرائم الدفاع عن الشرف، والتفجيرات الإرهابية التي أودت بآلاف الأبرياء، وتهجير الأقليات الدينية.
ثانياً: العنف، قيمة عليا ممجدة، في ثقافتنا الاجتماعية، لطالما افتخر به شاعر القبيلة:
إذا بلغ الفطام لنا صبي… تخر له الجبابر ساجدينا معلقة عمرو بن كلثوم
ونحن أناس لا توسط عندنا…لنا الصدر دون العالمين أو القبر أبو فراس الحمداني
ثالثاً: وهو عنف يستهدف الضعفاء والمهمشين، من النساء والأطفال والأيتام والفقراء والمساكين، في مجتمع جاهلي ظالم، جاء الإسلام إيذانا برفع الظلم عنهم.
رابعاً: كانت وضعية المرأة في الجاهلية، متدنية، لأنها لم تكن عنصراً اقتصادياً منتجاً، في بيئة، تعتاش على الغارات لجلب الغنائم المورد المالي الرئيسي، مما جعل المرأة عبئاً اقتصادياً على الغانمين المنتصرين، ومصدر عار على المنهزمين.
ومع أن الإسلام جاء ناصراً للضعيف والمهمش، ومنصفاً للمظلوم والمضطهد، فأكرم المرأة ولقد كرمنا بني آدم وجعلها شريكا للرجل في المسؤولية المجتمعية والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض وأكد رسولنا عليه الصلاة والسلام (النساء شقائق الرجال ) وكانت للمرأة المسلمة مساهمات إيجابية في الحياة العامة، لكن سرعان ما تردت وضعيتها الاجتماعية، بعودة النزعات التعصبية المنتقصة من المرأة، لأن المواريث الثقافية القديمة، لا تموت بسيادة ثقافة جديدة، بل تظل حية فاعلة في الأعماق البعيدة، تترقب مناخاً مواتياً للظهور.
خامساً: العنف ضد المرأة، ممارس حتى في المجتمعات المتقدمة، لكنه يواجه بتشريعات حازمة لحماية المرأة.
سادساً: ومع أن مجتمعنا الخليجي، تطور كمؤسسات ونظم واتصال وتقنية وتعليم، بفعل الانفتاح الحضاري، وما أفرزه من مظاهر تحديث ووعي بأهمية حقوق الإنسان، إلا أن المنظومة الاجتماعية والتربوية والتشريعية والثقافية والإعلامية، لازالت تستبطن النظرة المنتقصة من المرأة، ولازالت ترى في المرأة كائناً قاصراً، بحاجة إلى وصاية الولي المرشد.
ماهو العنف؟
العنف مفهوم شامل، وليس مادياً فقط،بل كل ما يمس الإنسان: مادياً، وهو الأقل في المجتمع الخليجي، أو معنوياً أو نفسياً، وهو أشده، ويتمثل في النظرة الدونية للمرأة، وكافة أشكال التمييز الأخرى، مثل: حرمانها من تولي مناصب قيادية، منعها من القيادة، حرمانها من منح جنسيتها لأولادها، انتزاع الولد من الأم الحاضنة بحجة زواجها، تزويجها صغيرة، تفضيل الأخ على أخته، وهي أشكال من العنف لا يخلو منها مجتمع خليجي.
مصادر العنف:
1 - الفهم المغلوط للقوامة
2 - نمط التربية السائد: مجتمعنا ذكوري يربي الأنثى خانعة مطيعة، ويربي أخاها سيداً مطاعا مهيمناً على أخته
3 - النظام التعليمي الذي يكرس عاطفية المرأة مقابل عقلانية الرجل
4 -الدراما حين ترسخ تسيد الرجل، ففي الأفلام والمسلسلات نجد الزوج، بطل الفيلم، الذي انقاد لنزواته وأعجب بأخرى فهجر البيت وأساء لأطفاله، في النهاية، يرجع نادماً، وعلى الزوجة دائماً أن تضحي وتسامح وتتحمل أخطاءه حفاظاً على البيت والأولاد
5 - التشريعات المتحيزة
ختاماً: أحيي هذا الملتقى، وأثمن توصياته التي تشكل نقلة نوعية في التصدي لقضايا العنف ضد المرأة في المجتمع الخليجي، إذا تم تفعيلها.
بقلم : د.عبدالحميد الأنصاري
copy short url   نسخ
25/12/2017
3962