+ A
A -
لم يعد ثمة شيء يقاس بالمنطق بعد القرارات السعودية التي هزت المنطقة والإقليم وأربكت العالم وحيرته. لكن يد دونالد ترامب، أثبتت أنه «تاجر جملة» من طراز بارز لا يكتفي بعقد الصفقات العسكرية والاقتصادية التريليونية، والبحث لزبائنه المقربين عن قصور لويس التاسع عشر ولوحات ليوناردو ديفنشي ويخوت لم يعرفها حتى أوناسيس، بل يبني زنازين «الليغو»، قبل أن يكتشف أنه لا يستطيع فكفكتها بعد تركيبها.
مازلنا نجد صعوبة كبيرة في معرفة الأسباب التي جعلت الرياض تنتقم بهذه الطريقة ليس من أصحاب المال فقط، بل وتضع المسجد الأقصى والقدس شرقها وغربها وكل ما يمت لفلسطين وربما الأردن وغيره، في مهب الريح.
ونضطر أن نسأل أنفسنا والحال هي الحال، عما إذا كان صيد المال في السراب الصحراوي، وملاحقة المواطن والمقيم لخصم أربعمائة ريال أخرى من راتبه ورفع سعر البنزين والكهرباء وكل الرسوم التي تخطر على البال، هو الذي سيوفر المال الذي ضيعوه في قبعة الساحر الأميركي.
كما نضطر إلى أن نتساءل عما إذا كانت هذه الاجراءات المذهلة والعطشى إلى الحق والعدل والحكمة وسداد الرأي، كفيلة بالانتقام من إيران وقطر، وكيف بالله عليكم؟!
قصة السعودية تحتاج إلى تدقيق تاريخي في العلاقة بين مسلم عتيق ويهودي عايشه قبل قرون، وما إذا كانت هناك أسرار فعلية في عالم الفضاء الإنترنتي الذي حَوَّل الأرض إلى كرة مفضوحة إلى هذا الحد؟
استخدام العقل للفهم والتفسير لا يسري على كل شيء، فالمرء كما استدللنا، يمكن أن يُجن على أمل استرداد عقله عاجلاً، أو أن يقنعنا أن صفقة القرن ليست مجرد فقاعة إعلامية وهمية قصيرة العمر.
وإذا كان رواد الفكر غير السوي، قد قادهم حب الأذى إلى إغلاق منفذ سلوى رغم أنه الممر البري الوحيد الذي يربط القطريين بالعالم- نهائياً كما قالت قيادتهم- فإن هذا الإجراء وحده، دليل على أنه لم يعد لدى دول الحصار مانع في إيذاء آلاف الأسر السعودية المستفيدة من مشتريات أهل قطر السخية، وليس فقط إلحاق الضرر بأولئك المشترين وعائلاتهم.
تاجر الجملة ذاته له علاقة رئيسية في إقناع تجار سلوى، من خلال استعمال أدواته المتنوعة ذات الأناقة الأخاذة والمغريات بأشكالها، بأن العالم بأسره في أيدي البلدين ولا أحد غيرهما، لكن ما لا يعرفه البعض هو أن مشكلة المنفذ، تحل منذ اللحظة، ولن يكون لها اثر بعد أيام.
عقلاء العالم، وخاصة في أوروبا والأمم المتحدة يولولون من عمق الدهشة قبل الألم، لكن الذين سارعوا إلى الرقود على «الدجاج الذهبي»، سيفاجأون عندما لا ترى عيونهم بيضة واحدة !

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
21/12/2017
3691