+ A
A -
من كل جانب تأتي السهام والحراب التي تقتل المسلمين في أنحاء الدنيا فهم يعيشون مرحلة ضعف واستهانة وهوان غير مسبوقة، لأن أسلحة القتل والتشريد والتهجير لا تأتي من أعدائهم فقط وإنما من بني جلدتهم وحكامهم في كثير من الأقطار، ويكفي أن تنظر لمئات الآلاف من العرب والمسلمين المهاجرين والمشردين في أصقاع الأرض لتعرف حجم المأساة التي يعيشها هؤلاء، ولعل التوقيت الذي وقعت فيه المذابح المتجددة ضد مسلمي الروهنغيا من البوذيين جعلهم شبه منسيين من مسلمي الشرق في ظل ما يتعرض له مسلمو الشرق من مآسٍ على أيدي بعض حكامهم تارة وأعدائهم تارة أخرى لكن هذا لن ينسينا أن نذكر هؤلاء المسلمين الذين تتمحور جريمتهم الأساسية في أنهم ولدوا وعاشوا مسلمين وأنهم أحفاد لدولة إسلامية كانت تشع منها الحضارة على تلك المنطقة البعيدة الفقيرة في جنوب آسيا.
فالمذابح التي يقوم به البوذيون ضدهم حركت حتى غير المسلمين في أنحاء العالم ليدينوا تلك الحكومة البوذية التي تقوم باضطهادهم وطردهم وحرق بيوتهم بل وحرق أجسادهم، وتحت الاضطهاد الشديد فروا إلى دولة إسلامية مجاورة هي بنغلاديش في ظروف مأساوية نقلتها عدسات مصوري المحطات التليفزيونية العالمية ومنها شبكة الجزيرة للعالم أجمع، وأكدت التقارير أن أغلب المهاجرين كانوا من النساء والأطفال والعجائز الذين انقطعت بهم السبل وخاضوا في الأوحال وعانوا من الأمطار وعبروا الأنهار فغرق منهم من غرق ونجا من نجا، لكن المأساة الأكبر أنهم لم يجدوا في الدولة المسلمة التي لجؤوا إليها الحماية والعطف والمساعدة بل لم يجدوا سوى اضطهاد من نوع آخر ورفضا لوجودهم وقد نشرت صحيفة التايمز البريطانية تقريرا أمس الأحد قالت فيه إن حكومة بنغلاديش تخطط لنقل أكثر من مائة ألف من مسلمي الروهنغيا إلى جزيرة نائية تهددها الأعاصير والفياضانات مدعية أنهم يمثلون تهديدا إرهابيا عليها، وقد حرك هذا عمال الإغاثة التي يحاولون مساعدة الروهنغيا على البقاء على قيد الحياة حيث أدانوا هذه الخطة التي أعلنت عنها بنغلاديش وقالوا، إن هذه الجزيرة التي تدعي جزيرة «بهاشان شار» والتي تقع في خليج البنغال، غير صالحة للحياة الآدمية وهي جزيرة جديدة نتجت عن تراجع منسوب المياه في الخليج ولم يكن لها وجود قبل أحد عشر عاما كما أنها عرضة دائمة للأعاصير التي يمكن أن تقضي على حياة من يقيم فيها.
ويشير عمال الإغاثة إلى أن هذه محاولة من حكومة بنغلاديش لتخويف الروهنغيا ودفعهم للعودة إلى ميانمار ليواجهوا بذلك الموت على أيدي البوذيين المتطرفين الذين تشكل قوات الشرطة هناك العصب الرئيسي لهم، ورغم أن تركيا عرضت على حكومة بنغلاديش بناء مخيمات إغاثة للاجئين الروهنغيا لكن حكومة بنغلاديش لم ترحب بالخطوة، ليصبح مسلمو الروهنغيا الآن لديهم خياران لا ثالث لهما إما الذهاب إلى جزيرة «بهاشان شار» لمواجهة الموت من خلال الأعاصير التي تهب بشكل دائم على الجزيرة، أو العودة إلى ميانمار للموت على أيدي العصابات البوذية.

بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
18/12/2017
8315