+ A
A -
نحن الآن في موسم الصراحة التي لا يرضى أحد التخلي عنها، حتى لو صُنِّفت بأنها الوقاحة عينها. وقاحة؟ فلتكن .. وليقل كل ما يشاء. في السنوات الأخيرة، وقعت المفاجأة، وأطلق أرباب الأمر المناط بهم جدولة ودفترة كل شيء، العنان للكلام، في كل الاتجاهات، حتى لو كان بقوة الرصاص.
فقد توصل أولئك «الأبالسة» إلى حقيقة غابت طويلاً عن الأنظار، وهي أن كلامك كله لن يصنع ثقباً صغيراً في الجدار. خذوا راحتكم إذن أيها السادة، وارفعوا ما شئتم من الشعارات!
وضمن هذا الإطار نعترف بأن مقامرة ترامب حول القدس لا تتعلق بقضية السلام في الشرق الأوسط، بقدر ما تتعلق بتشكيل حلف عربي ــ إسرائيلي قوي وفعال ضد إيران، في غياب السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، المستعصي على حل مقبول.
وكان تعاون إسرائيل مع العرب ضمنياً في البداية، لكنه تحول الآن علنياً، ليخرج من وراء الظل ويصبح وقحاً لا يهاب الانفتاح والانفضاح، مرتكزاً على رفض إسرائيل المتعمد التوصل لأي اتفاق جدي مع الفلسطينيين، حتى ينفتح الباب أمام الحلف العربي ــ الإسرائيلي ــ الأميركي لكسر ظهر إيران وإلحاقها في النهاية بالحلف المذكور.
لا ندري بالضبط كيف ستسير الأمور، غير أن تسويق فكرة أو خرافة صفقة القرن، ربما يهدف إلى استجابة واشنطن لصرخة الرياض: طهران يا سادة البنتاغون تخطط لتدمير مكة والمدينة، أبعدوها وخذوا القدس الآن، وغداً ما تريدون.
معادلة من هذا القبيل تسود علاقات أميركا مع دول الشرق الأوسط والخليج وشمال إفريقيا. ولم يعد سرا أن الرئيس الأميركي يسعى إلى جمع معظم العرب في تحالف استراتيجي ضد إيران وداعش معتبراً كليهما في مربع الإرهاب.
والواقع أنه ليس ثمة جديد في مثل هذا الهدف المزدوج، أو بالأحرى المؤامرة. فقد سعت الإدارات الأميركية على الدوام إلى التوفيق بين المتناقضات، وعلى الخصوص تأمين الحلف بين العرب والإسرائيليين، من منطلق اعتقاد البيت الأبيض منذ عقود بتضامن العرب إلى حد الاندماج في معسكر واحد يعمل بدعم أميركي لقصقصة أجنحة إيران وحرمانها ليس فقط من الاتفاق النووي ولكن من كل شبر أرض عربية «ضمته» أو جلست عليه لتوسيع نفوذها.
لذلك كنا نقول، وما نزال، إن على إيران أن تتصرف على الفور بأسلوب واضح وجدي ليس فقط لإفشال مخطط القدس المشين، ولكن للتقرب من العرب والوقوف إلى جانبهم ومصالحتهم، ما دام كلا هذين الكيانين الرئيسيين يتعرضان لحملة أميركية مشتركة عنوانها الأساسي القضاء على الرياض وطهران ومن وقف مع أي منهما.
بقلم:مازن حماد
copy short url   نسخ
17/12/2017
3122