+ A
A -
إن كان قد صدمنا قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.. فتلك سذاجة، وإن كانت قد فاجأتنا المواقف المتخاذلة عربيا.. فقد انتقلنا من السذاجة إلى الحماقة.
الاعتراف قرار قديم للكونغرس الأميركي اتخذه عام 1995، أي أن التوجه الأميركي معروف منذ ما يزيد على 22 عاما، في انتظار الرئيس المناسب لتفعيله، وبالطبع ليس أنسب من الرئيس ترامب للقيام بهذه المهمة.
لا يتوقف نجاح القرار.. أي قرار.. على من يصدره فقط، وإنما العنصر الأهم في نجاحه، هو القبول به، وصمت المتضررين منه، أو بالأحرى انصياعهم له.
وقد كان معروفا للجميع، منذ وصول الرئيس الأميركي إلى رأس السطة، انحيازه السافر لإسرائيل، وكراهيته للعرب والمسلمين. وهو ما اعتبره كثيرون- وأنا منهم- اختبارا للإرادة العربية والإسلامية. وهو ما عبرت عنه في هذه المساحة، في نوفمبر من العام الماضي.. وكان مما قلته «يتوجب علينا الآن أن نطرح أسئلة، أتصور أن يتصدرها سؤال، ماذا نحن– العرب– فاعلون؟
فنحن أمام فرصة ذهبية لاختبار إرادتنا، وإمكانية فطامنا عن الصدر الأميركي.. بكلام آخر، إنها اللحظة المناسبة لنجرب أن نكون «فعلا»، لا «مفعولا به» دائما، أو «مفعولا لأجله» في أفضل الأحوال».
وقلت أيضا «لابد من تجربة المبادرة والفعل، تلك التي جربتها الشعوب– لا الأنظمة– العربية، في الربيع العربي المفترى عليه، فما كان إلا أن اضطر البيت الأبيض إلى السير في ركابها، والانصياع إلى مطالبها، حتى وأن بشكل مؤقت، انتظارا لفرصة انقضاض جديدة». لكن الديكتاتوريات العربية، أبت إلا أن تواصل السقوط، في اختبار الإرادة، فالقادة الخمسون الذين توافدوا على السعودية في مايو الماضي مستبشرين ومهللين للاحتفال بقدوم ترامب وعائلته، تخلف نحو أربعين منهم عن مؤتمر القدس، في دلالة جديدة مؤسفة ومخجلة، على التخاذل العربي والإسلامي، حتى مع ضياع مدينة من أقدس مقدسات المسلمين!.
لا لوم على ترامب، فقد كان واضحا في مواقفه حتى من قبل أن يصل إلى الرئاسة، ولكن نلوم أنفسنا على ديكتاتورياتنا- إن استطعنا- على انبطاحهم أمام أميركا، وهرولتهم المهينة نحو تل أبيب، فإن لم نفعل.. ولن نفعل، فلا نلومن إلا أنفسنا.

بقلم : محمود عيسى
copy short url   نسخ
17/12/2017
2930