+ A
A -
ورث الرئيس الأميركي دونالد ترامب وضعاً مأزوماً في الشرق الأوسط، وعندما يقول إنه ورث هذا الوضع من إدارة سابقة لم تفعل الكثير بهذا الشأن، فإننا نصدقه، لكن ما لا يمكن تصديقه هو ما يفعله في مواجهة الأوضاع المأزومة، فعوضاً عن البحث في الحلول الموضوعية لتفكيك التأزم القائم، رأيناه يأخذ قرارين يتسمان بالطيش والغرور ويتناقضان مع توصيات فريق الأمن القومي، وهما الصراع العربي- الإسرائيلي وبرنامج إيران النووي.
هناك أوجه شبه عديدة بين هاتين القضيتين، إذ إنهما تعرضان الأمن الأميركي، قبل أي شيء آخر للخطر، دون أن تكون لدى الإدارة الأميركية أي خطة بديلة، وإذا أخذنا موضوع القدس، على سبيل المثال، فإننا لم نسمع سوى عن خطة غامضة لا نعرف كيف يمكن أن تجذب الفلسطينيين والعرب إلى طاولة المفاوضات، كما لم نر أي استراتيجية للتعامل مع تداعيات القرار الخاص باعتبار القدس عاصمةً لإسرائيل، سواء كانت تجدد أعمال العنف في الأراضي الفلسطينية أو تعمق الصدع مع حلفاء حيويين.
حتى الآن فإن تأثيرات القرار المتعلق بالقدس كانت سلبية للغاية، وهي أكدت شيئاً وحيداً خلاصته أن الولايات المتحدة غير قادرة على قيادة مفاوضات، وما تدعيه عن وجود خطة لحل شامل، يفتقد للمصداقية، إذ إن القرار كرس حالة من انعدام الثقة، في حين أن المطلوب بناء هذه الثقة قبل الإعلان عن أي خطة جديدة.
روسيا كانت أكثر وضوحاً، في معرض ردها على القرار الأميركي، إذ رأت أن القدس الغربية هي عاصمة إسرائيل، والقدس الشرقية هي عاصمة دولة فلسطين، ولو أن الرئيس ترامب تحدث وفق هذا المنطق، ربما كان وجد آذاناً صاغيةً، وربما كان فاز أيضاً بثقة الجميع، لكن ما فعله كان مدمراً واستفزازياً وكريهاً، ولم يقدم للعالم أي شيء آخر، وحتى عندما تحدث عن حل الدولتين أشار إلى أن الولايات المتحدة ستؤيد ذلك إذا وافق عليه الجانبان، ولو كانت لديه خطة بالفعل، كما يدعي، لكان أيد هذا الحل ودعا الطرفين لدعمه.

بقلم : حسان يونس
copy short url   نسخ
14/12/2017
2416