+ A
A -
لم تكن الانتخابات التي جرت في ولاية ألاباما الأميركية يوم الثلاثاء الماضي مجرد انتخابات على مقعد خال في مجلس الشيوخ الأميركي بل كانت تصويتا على شعبية دونالد ترامب وأسلوبه الشعبوي المتخبط في حكم الولايات المتحدة الأميركية، لاسيما وأنه خرج بنفسه يوم الإثنين الماضي وطالب الناخبين في ألاباما أن يصوتوا للمرشح الجمهوري اليميني المتطرف القاضي السابق روي مور المتهم بالتحرش الجنسي والتطرف الديني في آن واحد ضاربا عرض الحائط بكل الأخلاقيات ونصائح قادة الحزب الجمهوري بأن هذا سيؤدي إلى خسارة الجمهوريين للمقعد في الولاية التي عرفت منذ أكثر من ربع قرن بأنها ولاية جمهورية، لكن الناخبين في ألاباما ضربوا بنداء ترامب عرض الحائط وخرجوا يوم الثلاثاء الماضي ليقولوا له لتسقط أنت ومرشحك اليميني المتطرف المتحرش، وصوتوا لصالح المرشح الديمقراطي دوغ جونز.
لكن المعركة الحقيقية لم تكن بين الديمقراطيين والجمهوريين أو بين مور وجونز وإنما كان التصويت الحقيقي على الأسلوب الشعبوي الفوضوي المزاجي الذي تحكم به الولايات المتحدة والذي جعل من أقرب المقربين إلى الرئيس الأميركي ترامب يصبح ولا يدري ما الذي سيقرره الرئيس اليوم ويمسي ولا يعلم ما الذي سيغرد به الرئيس قبل أن ينام أو حينما يستيقظ من نومه.
من أهم النتائج التي حققتها انتخابات الثلاثاء الماضي في ألاباما أنها قلصت مقاعد الجمهوريين في مجلس الشيوخ الأميركي من 52 مقعدا إلى 51 مما يقلص هامش المناورة لديهم بعدما زاد عدد مقاعد الديمقراطيين وأصبح 49 مقعدا، كما أنه يؤكد تقلص الدعم الشعبي في أوساط الجمهوريين للرئيس الذي اختطف الحزب بأمواله ولم يصبح عضوا في قيادته بل أصبح رئيسا للولايات المتحدة الأميركية، كما أنه يؤكد أن مواجهة الاتهامات بالتحرش التي طالت العشرات من السياسيين الأميركيين وعلى رأسهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنفسه الذي تطالب ثلاث نساء أميركيات الكونغرس بمحاكمته بتهمة التحرش بهن هذا بخلاف ما يمكن أن يظهر مستقبلا يظهر أن هناك مستنقعا غير أخلاقي يحيط بالسياسيين الأميركيين والهالة التي يختفون وراءها، وأن هناك معركة بين حماة المتهمين بالتحرش ومعارضيهم وهذا ما جعل أحد أعضاء الكونغرس الأميركي المتهمين بالتحرش ينتقد ترامب وإدارته ويقول كيف يقوم الرئيس الأميركي بدعم مرشح متهم بالتحرش لولاية ألاباما ومحاولة فرضه كعضو في مجلس الشيوخ بينما يطرد آخر من الكونغرس بنفس التهمة؟ انتخابات ألاباما أكدت أن دونالد ترامب لا يقوم بتدمير السياسة الخارجية الأميركية أو حتى الداخلية فقط وإنما يقوم بتدمير الحزب الجمهوري الذي استطاع بأمواله أن يسيطر عليه وأن يجعل كثيرا من أعضائه يرضخون لسياساته المتخبطة، كما أنها تؤكد أن الأقليات في المجتمع الأميركي مثل السود والعرب والآسيويين وغيرهم لو غيروا سلوكياتهم في اللامبالاة وعدم الاكتراث في المشاركة في الانتخابات وحاولوا أن ينظموا صفوفهم بشكل أفضل فإنهم سوف يغيرون كثيرا في معادلات المرشحين سواء في الولايات أو الكونغرس ومن ثم إسقاط المتطرفين اليمينيين والمتحرشين والفاسدين في أي انتخابات أميركية قادمة.

بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
14/12/2017
8546