+ A
A -
أتعبني الحصار، وما نتج عن الحصار، وما قيل ويقال عن حصار الجار للجار، بالأمس وأنا أستمع إلى سعادة جاسم بن سيف السليطي وزير المواصلات، وهو يتحدث عن ظلم الشقيق للشقيق، حين أغلقوا مكتب القطرية في مطار جدة، وألغوا بطاقات الائتمان الصادرة من قطر، وطلبوا ترحيل المواطنين القطريين خلال 24 ساعة، ووجدوا أنفسهم بلا طائرات ولا فلوس، وضاقت بهم الدنيا في مطارات خليجية كانت تخصص لهم ممرات خاصة للقدوم والمغادرة، ورغم الحكمة القطرية وسرعة التعامل مع الموقف، وعودة المعتمرين وإيجاد مسارات للخطوط الجوية القطرية وموانئ جديدة وأسواق جديدة، لا أخفي أنني شعرت بتعب في القلب، وكلما يتعب القلب، وتنتابني الهواجس ألجأ إلى بحر الدكتور حجر أحمد حجر لأرتشف منه ما يزيح هما يعتريني أو ألما يغزو أحد شراييني، وبالأمس وجدت نفسي أقف على عتبات ثانوية الشويخ بدولة الكويت وأمام العنبر 14 الذي كان يقيم فيه الدكتور حجر وهو طالب في المرحلة الثانوية أوائل الستينيات، من القرن الذي مضى، وجسد إقامته هناك بقصيدة في ديوانه لامية الخليج الذي أهداني منه نسخة لأقرأ.. وأترنم معه في ما يقول، ففي هذه المدرسة التي باتت كلية للحقوق تتبع جامعة الكويت، وتضم مساكن الهيئة التعليمية التي تعمل بالجامعة، كانت بسمتي الأولى، وعلى أسوارها ذرفت الدمع شوقا وحنينا لمن سكنوها وباتت مساكنهم أطلالا..
يقول الدكتور حجر في ثانوية الشويخ:
سقــــى اللهُ أيامَ (الشويخِ) وسِيفَها
ومسكنَنا فـيـهـا به صــــبيةٌ مثلي
ســــأذكُرُها مهما تكبّدتُ من أذىً
كمحنةِ تغريبٍ مــــع العُـسرِ والأزْلِ
ولا غــــروَ لو أني وصفتُ مَشقّتي
حياتي كمسجونٍ كــــتمتُ عنِ الأهلِ
فعنبُرنا قــــد ضمَّ عشـرينَ طالباً
أسرّتُنا صــفّانِ مــــن معدِنٍ يَحْلي
إلى أن يقول
سلامي على أهلِ الكويتِ وصُــحبتي
ويا واصـلَ الأحـبابِ عُدْ بي إلى الوصلِ
لله درك دكتور حجر.. لقد عبرت عن مشاعر آلاف الطلبة العرب، الذين جاؤوا في بعثات للدراسة في هذه الثانوية خاصة من الإمارات وعمان واليمن وفلسطين والجزائر ودول إسلامية إفريقية وآسيوية وأوروبية.
فما أن وطأت قدمي الكويت في أول زيارة لها بعد انقطاع طلبت من السائق أن يأخذني إليها، فاتجه إلى سيفها أبحث عن بيت شعر كتبته على الرمال، عن سفينة يبكي على ألواحها مسمار، ذهبت إلى بيت حسين نجم أول مدرس حضر إلى الكويت في الثلاثينيات من القرن الماضي لألقي التحية على روح الشهيدة ابنته لميس نجم التي قتلت مع خالها غسان كنفاني في بيروت عام 1972 في عملية نفذتها الموساد الإسرائيلية.
أحصيت منازل لا زالت قائمه وجلها لمعلمين فلسطينيين من أوائل من أرسلوا للتعليم فيها، هذا منزل زهير الكرمي موجه العلوم ومنزل نايف خرمةً موجه اللغة الإنجليزية ومنزل فريد زيد الكيلاني موجه اللغة الإنجليزية، وهذا منزل حسين نجم والد الشهيدة لميس رحمهما الله، وهذا عنبر سكنى الدكتور حجر ومنه كان الإبداع شعرا ليخلد به ثانوية الشويخ على مر العمر ولتكون نوطا على صدر من مروا بتلك المدرسة..
نبضة أخيرة
ثوروا يا شعب فلسطين فأنتم أصحاب الثورة الأنقى..

بقلم : سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
12/12/2017
2007