+ A
A -
ما زالت هناك سهام مسمومة، وما زال رأسا المؤامرة دونالد ترامب وصهره اليهودي جاريد كوشنر يُسوِّقان الأوهام في ساحة شرق أوسطية لا يُسمع فيها إلا فحيح الأفاعي ونقيق الضفادع.
فوق الحطام الاستثنائي الذي يملأ الهلال الخصيب والصحاري القاحلة ورؤوس الجبال والوديان السحيقة، تنشط أفكار هلامية ويكثر كلام سيئ النوايا. لا يعني ذلك أننا أغبياء أو أن ترامب وصهره في قمة الدهاء. القصة وما فيها أن العالم مقبل على معادلات لم يعرف لها مثيل.
فمن كان يتصور مثلا أن تعقد الرياض وأبوظبي حلفاً علنياً مع إسرائيل؟ ومن كان يتوقع أن يقع تقارب وثيق بين تركيا وإيران في وقت قياسي؟ ومن كان يظن أن دولة صغيرة صابرة على مكاره «الأشقاء» في طرف من أطراف الجزيرة، تحولت إلى حصن منيع يضع نفسه في تصرف التكتل الرافض للاستسلام والمصر على السيادة والاستقلال؟
يتأسس ذلك التكتل على تضاريس منطقة تضم الشرق الأوسط الكلاسيكي، وذلك الجزء الصامد من مجلس تعاون خضع كباره حين جمعوا بيضهم الثمين وسلموه إلى دونالد وفرونيكا وعصابة عارضات الأزياء وملكات الجمال والسابحات الفاتنات. وها نحن نرى أولئك الأثرياء وقد أصبحوا على مشارف العوز، وتحت إمرة العنصريين المحسوبين على قلة إنجيلية بروتستانتية حاقدة تؤمن بأسطورة السمن والعسل الإسرائيلي.
وليست شمال إفريقيا في منأى عن شرور العصابة الترامبية وأعوانها، ولا عن حَفْر هستيري موازٍ يجري هناك بحثا عن هياكل مزعومة تفرض نفسها على قضية اللامعقول والكذب العابر للكتب اليهودية الصفراء.
لسنا من الذين يؤمنون بالأحلاف، غير أن العدو الإسرا ــ أميركي المستوطن في فلسطيننا وحلفاءه الجدد الذين وجدوا ملاذهم الجبان في بطن الجبروت الأميركي، وضعوا كل مالهم على طاولة القمار التاريخية التي نصبها صناع المال الحرام على تخوم مقدساتنا.
ولسنا أيضاً في وارد الاستقطاب إلا لأن هذا بالضبط هو ما دفعنا إليه الأعداء المستجدون حين أجبروا عواصم مثل موسكو وأنقرة وطهران والدوحة على التكاتف، ربما بتوافق مع الأردن الذي حرص ملكه على السفر إلى أنقرة بعد «24» ساعة من سرقة القدس بقرار تعسفي وغير شرعي وقعه دونالد ترامب.
ويبدو لمراقبين محترفين أن لقاء الملك عبدالله مع أردوغان تم لقناعة لدى عمّان بأن الرئيس التركي الذي رعت بلاده فلسطين نصف ألفية من الزمن، هو الصوت الأعلى والأكثر صدقية في مواجهة إسرائيل، وفي العناية بالقدس، بذات الحرص الذي يبديه الأردن اللصيق بالمدينة وبالقضية الفلسطينية التي يتبناها طيلة الوقت في إطار المصير الواحد المشترك.
لم يبخل الأردنيون عن القدس أو فلسطين، وكذلك العثمانيون الذين طردوا موفدين صهاينة جاءوا إلى أنقرة في عز ضعفها عارضين خزائن الذهب مقابل منحهم فلسطين كوطن لليهود. وفي كل الأحوال، ثمة ثأر ممتد قابع في جنبات المنطقة، وثمة انهيار لعملية سلام مضللة وغادرة تبنتها واشنطن ثم جز ترامب عنقها علانية. وثمة فوق كل ذلك، استعدادات شعبية تستقر في وجدان كل إنسان يدرك الحقيقة، لصد التحدي والاستفزاز القادمين من بيت سمي خطأ «الأبيض»، بأساليب وطرق شتى ليس من الصعب تحديد بعضها على الأقل.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
10/12/2017
3511