+ A
A -
انعقاد القمة الخليجية الثامنة والثلاثين بهذا التمثيل الضعيف لدول الحصار أفضل من عدم انعقادها على كل حال، طالما أن التمثيل القوي لدولة قطر قد غطى وكفَّى ووفَّى، وهذا يحسب لدولة الكويت الشقيقة وأميرها الحكيم صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، والرغبة الصادقة والجهد المخلص الذي قام ويقوم به لزحزحة هذه الأزمة، والحفاظ على البيت الخليجي من التصدع، ومنع انهيار منظومة مجلس التعاون، واستمرار دورية قممه.
كانت هذه مكاسب عامة لدول المجلس وشعوبه، بما فيها دول الحصار نفسها التي لا تعي تبعات انهيار المجلس فتتمادى في العناد، لكن هناك أيضا وبحق مكاسب خاصة بدولة قطر، في مقدمتها أن الشعب الخليجي الواحد في دول المجلس قاطبة ومعه الرأي العام العربي والعالمي عرف عن يقين سلامة الموقف القطري، وذلك من خلال حضور أميرنا «تميم المجد» حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى القمة بنفسه، واستعداده لمواجهة قادة دول الحصار الذين تهربوا أو هربوا، نعم أقول هربوا ولم أقل غابوا، لأن الغياب دائما ما يكون لمانع قهري كمرض لا قدر الله.
لقد هربوا خوفا من مطلب واحد قد تطلبه قطر، وكانت ستطلبه، بل طلبته بالفعل مرارا وتكرارا على رؤوس الأشهاد، وهو «هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين» نعم هاتوا برهانكم أو دليلكم على أن قطر تدعم الإرهاب، وهو الادعاء الذي اتخذوا منه ذريعة لحصار الشعب القطري، وبما أنهم لا يملكون برهانا على ادعائهم فقد آثروا السلامة بعدم الحضور وأرسلوا من هم أدنى، الذين لا يملكون صلاحية اتخاذ قرار ولا الإجابة عن أي سؤال، أو التوقيع على أي تعهد.
أيضا عرف الشعب الخليجي ومعه الرأي العام العربي والعالمي أن دولة قطر ذهبت إلى القمة الخليجية من موقع القوي، حرصا منها على ألا ينفرط عقد مجلس التعاون، ولم تذهب استجداء لطرف ما، فالكل يتذكر قول حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى في خطابه أمام مجلس الشورى: «نحن بألف خير من دونهم».
ولكن حفاظا من قطر على الكيان الخليجي والعربي والإسلامي، فإنها ستظل تدعو إلى رأب الصدع والاستعداد للتفاوض لأسباب كثيرة منها أن المنطقة العربية ومنها المنطقة الخليجية أصبحت على فوهة بركان في هذا الوقت الذي تغيرت فيه السياسة الأميركية مائة وثمانين درجة ضد العرب، وأضحت أوروبا متفرجا سلبيا، لا تريد أن تلعب دورا عمليا فيما يجري من أحداث على أرض الواقع.
فإن لم تراجع دول الحصار نفسها من أجل تقوية المجلس والاستعداد لأية تحديات محدقة محتملة فإنها تكون بالفعل قد أصيبت بقصور النظر وغياب الرؤية وانعدام القدرة على استشراف المستقبل، وقراءة الأحداث قراءة صحيحة، رغم أنها واضحة وجلية، وازدادت وضوحا بعد قرار الرئيس الأميركي ترامب اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، والله من وراء القصد.
بقلم : آمنة العبيدلي
copy short url   نسخ
10/12/2017
3150