+ A
A -
أعلنت في جميع أنحاء الضفة الغربية أمس الأول، «3» أيامٍ من الغضب احتجاجاً على نية الرئيس الأميركي «دونالد ترمب» نقل مقر عاصمة بلاده من تل أبيب إلى القدس المحتلة. وقد أعربت القيادة الفلسطينية والأردن ومصر وتركيا ومنظمة التعاون الإسلامي (التي تضم 57 دولةً إسلاميةً) والمملكة العربية السعودية معارضتها التحرك الأميركي، مع تحذيراتٍ من العواقب الخطيرة التي قد تنجم عن هذه الخطوة، بما فيها اندلاع موجةٍ جديدةٍ من العنف في المنطقة.
وقد أثارت خطوة الرئيس الأميركي «دونالد ترمب» التي أبلغها الرئيس الفلسطيني السيد «محمود عباس» موجةً من التحذيرات من قبَل كبار المسؤولين الدوليين كالرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» ووزير الخارجية الألماني «سيجمار غابرييل» ووزيرة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي «فيديريكا موغيريني». إضافةً إلى معارضةٍ في إسرائيل ذاتها، تمثّلت في خمسةٍ وعشرين سفيراً سابقاً، وأكاديميين، ودعاة سلام، قاموا بإرسال خطابٍ عاجلٍ لكبير المفاوضين الأميركيين في المنطقة «جاسون غرين بلات» يعربون فيه عن قلقهم تجاه هذه الخطوة.. ومكمن القلق هنا غنيٌّ عن البيان وواضحٌ: فالقدس مدينة مقدسةٌ بالنسبة للديانات الثلاث: الإسلامية، والمسيحية، واليهودية، ووضعها يشكّل بؤرة الحدث في النزاع العربي الفلسطيني- الإسرائيلي، مما يعني أن أيّ إعلانٍ أحاديّ الجانب حول وضع القدس يتجاهل مطالب الفلسطينيين، هو اعترافٌ واضحٌ بتجاهل الحقوق الفلسطينية الشرعية والمشروعة، في أي ميثاقٍ ديبلوماسيٍّ، وهذا من شأنه إضعاف فرص السلام وإشعال فتيل المعارضة، التي قد تأخذ أشكالاً من العنف، والقضاء على وضع الولايات المتحدة كوسيطٍ محايدٍ.. كما ترى صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية.
ونشير هنا إلى ما تردد من أنباءٍ حول اعتزام إدارة الرئيس ترامب التوصّل إلى ما وصف بـ «صفقة القرن»، في المسألة الفلسطينية، والصراع العربي الإسرائيلي، ومن حقنا أن نتساءل: كيف يمكن للإدارة التوصل إلى حلٍّ في هذه المسألة يكون في صالح فريقٍ متجاهلاً مصالح الفريق الآخر، في موضوعٍ مركزيٍّ بالغ الحساسية، هو موضوع مستقبل القدس؟
وإذا أراد السيد ترامب أن يكون أميناً في تنفيذ وعوده الإنتخابية، بنقل مقر سفارة بلاده إلى القدس أو الاعتراف بالمدينة عاصمةً للكيان الصهيوني، فإن الأجدر به اتخاذ قرارٍ متوازنٍ، وهو الاعتراف بالقطاع الشرقي من المدينة عاصمةً للدولة الفلسطينية، مما يحقق مطلباً من مطالب الفلسطينيين..
لو حدث ذلك، فإنه يكون اعترافاً أميركياً رسمياً بالوضع الحالي للمدينة المجزّأة، وبدايةً في طريق الحل الذي يحبذه الطرفان المتنازعان، وهو: الاعتراف بدولتين متجاورتين، تعيشان في أمنٍ وسلامٍ.

بقلم : حسن شكري فلفل
copy short url   نسخ
08/12/2017
2627