+ A
A -
عندما يَحكمُ عليك الزمنُ بِمُؤَبَّد مِن القسوة، فإن مِن الطبيعي أن تُصَابَ بحساسية مِن الحنان كُلَّما جَرَّبَ أَحَدُهم أن يَتَرَفَّقَ بقلبِك ويَتَلَطَّف بمشاعرك، مشاعرك التي لا تُتْقِن غَير الذوبان..
لن تُصَدِّقَ أنكَ ستعيش لحظاتِ حنان حقيقةً لا وَهْماً.. سَيَقْشَعِرُّ بَدَنُك مراراً كلما عَبَّرَ لكَُ أحدهم تعبيراً رقيقاً يَجعل خيطَ إحساسِه يَنحني لكَ أنتَ المنفي بعيداً عن دائرة اهتمام مَن تَتَصَبَّبُ حُبّاً لهم..
ستُدَغْدِغُكَ بِكُلّ الحُبّ حرارةُ إحساسهم بكَ، إحساسهم النَّازِل عليك كقطعة مِن نيزك فضائي، وستقشعر كُلُّ ذرة فيكَ لأنها كادت تَنسى الشعورَ بأمطار الرِّقَّة وهي تَهطل عليها من جديد، تَهطل عليها من الاتجاه المعاكس، تَهطل لتَرْوي أرضَ قلبِكَ العَطْشَى..
قد لا تَجِدُ شيئًا مِن الأمل في الحلم بِيَدٍ طاهرة تُعيد تَزويدَ مَسام يديك بحرارة الحُبّ، لكن لِنَقُلْ إن لكَ أن تتوسم في صِغار عصافير قلبك بعضًا من تلك الكهرباء العاطفية التي تُجَدِّدُ تَعبئتكَ القلبية..
ذلك الشَّحن الشُّعوري سيَسمح للحنان بأن يَفتح لك بابَ مغارته بضربة سِمسِم الحُبّ، تلك المغارة التي ضَلَلْتَ الطريقَ إليها في زحام سوق الإنسانية الذي يُباع فيه كبرياؤكَ ومشاعركَ ورغبتكَ في الحضن الدافئ الذي يَنتشلكَ من جحيم القسوة المفروضة والمرفوضة رفضًا قاطعًا في قانون امبراطورية قلبكَ..
شَواطئ القسوة يا أنتِ، لماذا نَأيْتِ بنا عن قلعة الإحساس؟! لماذا ترَكَتْنِا مُعَلَّقِين على نَخلة الحنين؟! لماذا يَصلبنا الحُبُّ على جِدار المستحيل الذي تُؤمنين به؟! لماذا هُو طويل طريقُنا إلى حضن الفرح؟! لماذا علينا أن نَلبس عباءةَ الغياب هُروبًا مِن لحظة يَقتلنا فيها الشعورُ بالحرمان مِن رعشة أصابع للقاءٍ يَبخل به علينا الحاضرُ؟!..
الحُبّ! الحُبّ يا صديقي لا أحد يُثَمِّنُه! الحُبّ في زمننا لم يَبْقَ منه سِوى الحِذاء، الحذاء نَفْسُه (حذاء الحُبّ) يَضرب بك عرضَ الحائط كما يُضرَبُ بالكُرة..
مَن كان يُصدِّقُ أن ثروةً في القلب بحجم الحُبّ تُداسُ؟! هكذا تَدريجيًا في مُدُن الموت يَموتُ الإحساس..
كعكة الحياة ظاهِرُها يُسيل لعابَ شهوتكَ إلى اقتطاع نصيبكَ منها، لكن قَبْل أن تَفرح أناملك برقصتها ثَمِلَةً في طريقها بشيء من الكعكة إلى فمك، ستُصدَم في طعمها الْمُرّ الذي يَجعلك تَزهد في كل ما هو جميل..
نافِذَةُ الرُّوح
«مازلتُ أنتظر أن يَستحي الزمنُ من خيوط إحساسي ويَعترف بخذلانه لي».
«هل أُمَنِّي نفسي بأن يَنحني ظِلُّ الوقت لمروري ولو من باب البروتوكول الذكوري؟!».
«سَأُجَرِّبُ أن أكون قاسيةً لأُسَمِّيَ لحظةَ موتكَ ولادةً لي».
«ما أثلج معطف القَدَر الذي يَتَبَدَّد فيه حقُّك في تَدْفِئة رغباتك!».
«ما حاجتي إلى أن أكون جميلة إن كان الآخَرون لا يُبصِرون؟!».
«مِن الحكمة أن نُثَمِّنَ تجربةَ الوحدة إن كانت سَتُعَلِّمُنا فلسفةَ الحياة».
«الجُدران التي سجنتنِي فيها عَلَّمَتْنِي أن أَسْمَعَ صوتي قبلَ أن أسمع الآخرين».

بقلم :د. سعاد درير
copy short url   نسخ
07/12/2017
2782