+ A
A -
في خطابه أمام مجلس الشورى، أعلن حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أن الحكومة القطرية عاكفة على إعداد مشروعات الأدوات التشريعية اللازمة لانتخابات مجلس الشورى القادم، وستعرض هذه المشروعات في العام القادم 2018، بحيث تحقق هدفين:
1 - ضمان سير الانتخابات بشكل مكتمل، تجنبنا الحاجة إلى التعديل في كل فترة.
2 - إجراء انتخابات منصفة.
جاء ذلك في خطاب سموه، في افتتاح الدورة الـ46 لمجلس الشورى القطري، تعزيزاً للمشاركة الشعبية، وتفعيلا لما تضمنه الدستور القطري الذي تم إقراره، عبر استفتاء شعبي عام، في يوم تاريخي مشهود، 29 إبريل 2003، شارك فيه المواطنون جميعاً، وحصل على موافقة الغالبية العظمى (97%) ليكون أول دستور قطري يعتمد آلية الاستفتاء الشعبي. وينص الدستور الذي تم إقراره عام 2004 على انتخاب مجلس شورى، مكون من 45 عضواً، يتم انتخاب 30 منهم، عبر الانتخابات العامة المباشرة من الجنسين، ويعين الأمير الـ15 الآخرين، ويتمتع المجلس بكامل الاختصاصات التشريعية والرقابية.
يرى كتاب قطريون، أن خطاب سمو الأمير يأتي في سياق إصلاحات سياسية وتشريعية كبيرة، يسعى سموه لتنفيذها، بتعديل قانون الجنسية، وتطوير نظام القضاء، والإعداد لنظام الدوائر الانتخابية، وقانون الانتخابات، بحيث تأتي المخرجات الانتخابية المزمع إجراؤها بحلول عام 2019، محققة تمثيلاً عادلا للشعب القطري، وفقاً لـ انتخابات منصفة أكدها سموه، فالإنصاف المنشود يستوجب إعادة النظر في تشريعات اتسمت بنواقص وإشكالات قانونية أثارت انتقادات واسعة في الساحة القطرية، وحان أوان تعديلها أولا، تمهيدا للانتخابات المنصفة المنتظرة.
لذلك، يرى أستاذ القانون الدستوري د. حسن السيد، عميد كلية القانون الأسبق، بحق، في مقاله (انتخابات منصفة) بالشرق القطرية، أن قانون الجنسية الحالي 38 لسنة 2005، لا يحقق العدالة بين المواطنين، كونه قسم المواطنين إلى قطاعين، وحرم قطاعاً عريضاً منهم، من ممارسة حقي الترشيح والانتخاب، في مخالفة دستورية لمادتين في الدستور القطري: المادة 34 (المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات العامة) والمادة 42 (تكفل الدولة حقي الترشيح والانتخاب للمواطنين وفقاً للقانون) هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن الانتخابات المنصفة، تطرح قضية: ما هي حظوظ المرأة القطرية، في الانتخابات المقبلة، في ظل مناخ تسوده موروثات ثقافية اجتماعية تشكك في كفاءة المرأة وأهليتها لشغل المقعد النيابي؟! وهي مواريث لا تزال حية ومؤثرة في نظرة الرأي العام، وفِي تشكيل توجهاته السياسية وقناعاته الفكرية، ومن هنا، أرى الأخذ بنظام الكوتا بتخصيص عدد من المقاعد في كل دائرة للمرأة، وهو نظام عالمي لا غبار عليه، معمول به في أعرق الديمقراطيات، وتطبقه 80 دولة، وتوصي به اتفاقية سيداو لا يعتبر اتخاذ الدول تدابير خاصة مؤقتة، تستهدف التعجيل بالمساواة الفعلية بين الرجل والمرأة، تمييزاً بل هو نوع من التمييز الإيجابي في العرف الدستوري، وإذا علمنا أن الدستور القطري، إذ نص على المساواة القانونية المادة 35 فإنه لم يكتف بها، إذ أضاف نصاً متميزاً، قل نظيره بين الدساتير، المادة 19 إذ ألزم الدولة بكفالة مبدأ (تكافؤ الفرص بين المواطنين) أدركنا أن المشرع الدستوري القطري لم يكن ليلغو، فمبدأ (المساواة القانونية) غير مبدأ تكافؤ الفرص الأول مفهوم سلبي يستوجب امتناع الدولة عن أي تدخل تمييزي، لكنه لا يحقق المساواة الفعلية، بينما الثاني مفهوم إيجابي يستوجب تدخلا إيجابياً من الدولة، لتحقيق المساواة الفعلية، بتهيئة الفرص المتكافئة أمام المواطنين، بمراعاة قدراتهم ومختلف ظروفهم اللصيقة بهم، أو تلك التي أسهم المجتمع بعاداته وتقاليده ومواريثه التاريخية في صنعها، بمعنى آخر، أنه التزام إيجابي يوجب على الدولة تمكين المتضررين اجتماعياً، لأسباب تاريخية، من حقوقهم، بتصحيح أوجه الخلل الاجتماعي وتذليل العقبات أمامهم.
ختاماً: تمثيل المرأة في البرلمان القادم، سواء بالكوتا، أو بالتعيين، تمكين عادل يضمن دوراً فاعلاً للنساء في التشريع، وهو عامل ضروري لاستقامة الحياة السياسية، والارتقاء بالعمل البرلماني، يحسن الأداء النوعي للأعضاء، ويرقى بلغة الخطاب، ويهذب السلوكيات، ويلطف سخونة وخشونة الجدل البرلماني.

بقلم : د.عبدالحميد الأنصاري
copy short url   نسخ
04/12/2017
3361