+ A
A -
حاولت أن أسبر أغوار كلمة أعجبتني ألقاها وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني أمام مؤتمر الحوار المتوسطي في إيطاليا، لعلني أضع إصبعي على منفذ أو مَخرج أو بوابة أمل يمكن أن تستثمر في وقف الحصار وبدء الحوار.
غير أني اقتنعت بحجته الأولى والأهم، والتي ملخصها أن دول الحصار خلقت صراع نفوذ من لا شيء، لا شيء على الاطلاق، وهو ما أدى إلى حالة استقطاب سبق أن استُخدمت لتفجير حروب في العراق واليمن وليبيا.
وخلتُ الوزير يتحدث عن صراع على مراحل، يُعتبر الصراع الحالي منه والموجه إلى قطر، جزءا من صراع أكبر. لكن المشكلة الأساسية تكمن في أن الاسلوب المهيمن على تفكير بعض القيادات المتسلطة والمستبدة، يدفع الشعوب إلى فقدان الأمل، ويخلق مناطق مهيأة للإرهاب والتشدد ونقل الأزمات إلى أماكن أخرى على رأسها أوروبا.
يبدو مثل هذا التحليل سليماً في غياب الحكمة والحكومة الرشيدة، وفي ظل السقوط في قلب قيادة مغامرة وطائشة، وسط فراغ ناشئ عن غياب منشطات النظامين الاقليمي والدولي، وانتفاء آليات فض الخصام. هذا الوضع تعاني منه دول صغيرة كقطر، وسبق أن عاشته بكل المعاناة غير القابلة للوصف دول مثل لبنان والصومال، كل بطريقة.. وهي دول أفرزت إرهاباً عابراً للحدود وعانت منه دول متوسطية مهمة في مقدمتها تركيا.
ومثلما بيّن الوزير، فإن الخطر يكمن في العجز عن التعامل مع الأعراض الحقيقية للإرهاب، وأهمها انعدام الأمل في تحقيق حلول عادلة أثناء تعذر العثور على مخارج انسانية للمشكلات المستعصية على الحلول المثالية.
وبعد أن وصف الوزير الوضع بأنه أسوأ بكثير مما استطاعت كلماته وصفه، دعا إلى التوقف الفوري للمغامرة المتهورة التي تعيشها المنطقة، والاتفاق على مبدأ يلتزم به الجميع بما في ذلك إيران التي لا نظنها ستختفي عن الخريطة بجرة قلم داهم. وإذا كانت قطر لم تتصور قط أن تؤدي خلافات من النوع الحالي إلى كل هذه التدابير العدوانية ضدها دون قواعد أو معايير مفهومة أو مبررة، فإن اقتراحها الحوار كان موضع صد معاند ومكابر اBVضطرت الدوحة إلى استخدام الأجواء الإيرانية، بعد أن أصرت دول الحصار على إغلاق أجوائها ومياهها في وجه الدوحة، وهي في أمس الحاجة إلى السلع اليومية.
تنطوي كلمة وزير الخارجية على الكثير من صرخات الألم والدهشة إزاء هذه الطريقة في التعامل مع الأشقاء حين ينجحون بامتياز، ويلفون أطرافهم بالسلاسل ويطلبون منهم أن يسبحوا كالأسماك الحرة.
لا تبدو في الأفق نهاية مأمولة لهذا الحصار المشين، ولا للإصرار والثبات القطريين على الحرية والحق، مهما بدا جبل «سيزيف» عالياً، ومهما تدافع الطائشون للنيل من عزيمة دولة قررت بذل الغالي والنفيس لإبقاء السيادة كلمة ذات معنى، وكذلك الاستقلال.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
04/12/2017
2960