+ A
A -
سعى عبدالإله بن كيران الأمين العام لحزب «العدالة والتنمية» في المغرب، منذ بداية الثمانينيات أن يجعل حزبه شرعياً، حاول بن كيران بعذاب شديد الانتقال من شرعية الوجود الفعلي إلى مرحلة الشرعية الدستورية والقانونية.
لكن بن كيران لم يكن يعتقد قط أنه سيصل بحزبه إلى الحكم. بيد أن ذلك حدث بالفعل، وعبر صناديق الاقتراع.
نال الحزب في أول انتخابات يشارك فيها عام 1997 «9» مقاعد، ثم قفز العدد إلى «42» مقعداً، وبسبب تداعيات أجواء «الربيع العربي» في عام 2011 قفزت مقاعد الحزب إلى 107 مقاعد، ليقفز بن كيران ورفاقه إلى رئاسة الحكومة.
بيد أن صناديق الاقتراع التي حملت بن كيران إلى رئاسة الحكومة، ستبعده بعد «6» سنوات عن قيادة حزبه، عندما قرر رفاقه الأسبوع الماضي بالتصويت رفض تعديل قوانين الحزب حتى يقود «العدالة والتنمية» لولاية ثالثة.
لعل أبرز المفارقات أن وزراء حكومة بن كيران كانوا الأشد معارضة له.
إذ تحدث «3» وزراء أساسيين في حكومته، يتولون أيضاً حقائب وزارية في حكومة الدكتور سعد الدين العثماني، معارضين لفكرة الولاية الثالثة خلال اجتماع المجلس الوطني ( برلمان الحزب)، وهم مصطفى الرميد وزير حقوق الإنسان، وعزيز رباح وزير الطاقة والمعادن ولحسن الداودي وزير الشؤون العامة.
كان الوحيد الذي ساند اقتراح التمديد مصطفى الخلفي المتحدث باسم الحكومة ووزير الشؤون البرلمانية.
كان السبب الظاهر لمعارضة التمديد، أن ذلك يتعارض مع قوانين الحزب، في حين يرى بعض القياديين أن ذلك سيجعل الحزب برأسين، بن كيران قائداً سياسياً، والعثماني رئيساً للحكومة، وهو ما سيؤدي إلى أن قرارات الحكومة ستكون في مواجهة فيتو إذا عارضها بن كيران، في حين قال قيادي داخل اجتماع المجلس الوطني إن التمديد سيضع بن كيران في موقع «المرشد».
لكن هناك من يعتقد أن جهات فاعلة على الساحة المغربية هي المتحفظة على استمرار بن كيران «زعيماً» بعد أن فقد موقعه كرئيس للحكومة عندما رفض قبول شروط تشكيل حكومة ائتلافية قبلها الدكتور العثماني.
لكن إبعاد بن كيران عن قيادة الحزب لن تكون نهائية إلى حين انعقاد مؤتمر الحزب في التاسع من ديسمبر الحالي.
الإشكال أن موقف بن كيران بات الآن ضعيفاً بعد قرار المجلس الوطني للحزب برفض تعديل القوانين الداخلية، وهو عادة إذا كان موقفه ضعيفاً فإن التفاوض يعني الابتزاز. لا يتراجع عندما يكون ضعيفاً ولا يتساهل عندما يكون قوياً. عندما كان يعتدل لم يعزل نفسه أو يبتعد عن قاعدته بل سهر على استمرار شعبيته.
له طموح جامح واعتداد كبير بالذات. هو قطعاً لا يرغب أن يغادر موقعه رجلاً منهكاً بالخيبات والإحباطات. ظل دائماً رجل نفسه لا رجل الآخرين.
كان رجل حل الأزمة داخل حزبه وفي الوقت نفسه رجل الأزمات على الساحة السياسية، بعضهم يقدرونه ويرون فيه داهية، آخرون يمقتونه فيصفونه بالسياسي «الشعبوي»، أما هو فيعد نفسه رقماً صعباً.
في الفترة الأخيرة راح يتعثر في أزمات اشتد زحامها وزاد عنفه، سواء داخل حزبه أو على الساحة السياسية. وبدا كأن هاجسه المستمر رغبته في تمديد مهمته لذلك كان على استعداد للالتفاف حول بعض الأمور بظن قدرته على البقاء بذاته وصفاته سواء كانت أسباب استدعائه قائمة أو أنها انتهت لسبب أو آخر.
وجه مستدير شعره غطاه البياض، لحيته ازدادت تشذيبا. له قدرة على تغيير ملامح وجهه كما يريد، فهو متجهم، مبتسم، وأحيانا يضحك إلى حد القهقهة حتى تظهر نواجذه، يعتمد كثيراً على طبقات صوته المتموجة، جسمه يميل إلى البدانة، يمشي على مهل، لا يعتني كثيرا بأناقته.
في أحد اللقاءات هاجمه شباب غاضبون ورفعوا في وجهه شعار «ارحل». لم يتأثر للهتافات المعادية، لكنه قال لهم بلهجته المميزة «أرحل إلى أين؟ ثم من أنا حتى أرحل».
إنه حقا عنيد.
بقلم : طلحة جبريل
copy short url   نسخ
02/12/2017
2383