+ A
A -
كان رائد الفضاء الروسي جاجارين أول رائد فضاء في التاريخ دار حول الأرض في سنة 1961، وعندما سئل: ماذا رأيت في الفضاء؟ أجاب: رايت الفضاء مظلما رغم بزوغ الشمس، وطبعا لم يكن جاجارين قد قرأ القرآن وما فيه من إشارات إلى الظلمة في الفضاء الكوني في قوله تعالى عن كفار مكه: «ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سركت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون» ( الحجر- 14).
ولأن جاجارين لم يكن مؤمنا فقد وجد في نفسه الجرأة على الاعتراف بأنه رأى عظمة الله وقدرته كما هي في الكون، بما فيها من الكواكب والنجوم والمخلوقات، ولهذا تبجح وقال: «لقد شاهدت الفضاء ولم أشاهد الله»، وشاء الله أن يصاب جاجارين بالسرطان ويموت في حادث تحطم طائرته بعد ذلك.
لم يدرك جاجارين طبعا ما في هذه الآية من إشارات علمية لم يكن أحد من البشر يدركها حين نزول القرآن، والتي توقف عندها عالم الطبيعة الكبير الدكتور منصور حسب النبي، وهي أولا: الإشارة إلى إمكان غزو الفضاء «ولو فتحنا عليهم بابا من السماء»، وثانيا الإشارة إلى الظلام الدامس في الفضاء. وإشارة أخرى لم يفهمها العلماء إلا بعد قرون عن أن الإنسان لا يستطيع أن يغادر الأرض ويصعد في الفضاء إلا بسلطان الله تعالى، أي بالعلم الذي يمنحه الله للعلماء وذلك بقوله تعالى: «يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا، لا تنفذون إلا بسلطان»(الرحمن-33)
وحين منح الله العلماء بعض حقائق الكون وسلحهم بالعلم تمكنوا من تحقيق الوصول إلى القمر، واعتبروا ذلك إنجاز وإعجازا ليس بعده، مع أن الوصول إلى القمر ليس أصعب الرحلات في الفضاء، مع كل ما فيه من صعوبات. لأن القمر جرم صغير تابع للأرض وكأنه ضاحية من ضواحيها ولا يبعد عنها إلا بمقدار 240 ألف ميل، وهذا البعد وإن ظهر لنا بعدا هائلا فإنه لا يمثل شيئا يذكر بالنسبة لأبعاد السموات اللانهائية، التي تبعد عن الأرض بمسافات خيالية لا يستطيع العقل تصورها.
والآية الكريمة تشير إلى إمكانية النفاذ من أقطار السماوات والأرض بسلطان من الله، وفي نفس الوقت فإنه تحذر من المصاعب التي ستواجه العلماء حين يحاولون الصعود في الفضاء، مشاكل انعدام الوزن وتغير الجاذبية، والإشعاعات الخطيرة المنتشرة في الفضاء، ومشاكل نوعية الطعام وكيفية تناوله، بل وكيفية الإخراج والتخلص من الفضلات، ومشاكل النوم والإجهاد النفسي والعصبي، وغير ذلك من الأمور التي استغرق التعرف عليها وإيجاد حلول لها سنوات من العمل الشاق لآلاف الباحثين والعلماء في عشرات من التخصصات العلمية والتقنية، وكانت أمامهم صعوبات أكبر تهدد سفينة الفضاء وروادها مثل: أولا احتمال اصطدام سفينة الفضاء بنيزك كبير خاصة في المنطقة بين المريخ والمشتري حيث تنتشر آلاف الكويكبات وتكون سفينة الفضاء أشبه بسفينة في محيط هائج تسير وسط شعاب مرجانية فإذا اصطدمت بأحد هذه النيازك أو الكويكبات فإنها هالكة لا محالة.
وثانيا: أن السفينة ستواجه في الفضاء جسيمات صغيرة منتشرة سرعتها عالية يمكن أن تسبب في حدوث ثقوب في سفينة الفضاء نتيجة الاصطدام وهذه الثقوب كفيلة بتدمير سفينة الفضاء مهما تكن قوتها.
وثالثا إن الأشعة الكونية تنتشر في أرجاء الكون وهي تحتوى على ذرات مشحونة بطاقة عالية وتتحرك بسرعة وهي بتركيبها وسرعتها قادرة على أن تصهر جسم سفينة الفضاء.
ولولا قدرة الله ومشيئته ما استطاع إنسان أن يصعد إلى الفضاء ويعود سالما لكي يكون شاهدا على عظمة الكون وعظمة خالق الكون.
بقلم : رجب البنا
copy short url   نسخ
01/12/2017
9904