+ A
A -
الأدباء متشبّثون بالحياة، شغوفون بمفرداتها، التي يمثّل الحبُّ أهمّها.
والقارئ للأدب العالمي تعجبه رواية «الحبّ زمن الكوليرا» لجوميز، وثلاثية «دروب الحرية» لسارتر، و«المثقّفون» لسيمون دي بوفوار و«الطاعون» لألبير كامو، وحتى في أدبنا العربي، هناك من كتّابنا الكبار يوسف إدريس، في «قصة حب»..
والفرق بين كاتبٍ وآخر هو قضية «الانتماء»، والكاتب المنتمي صادقٌ في كلماته، بسيطٌ في تعبيره، سهلٌ في إيصال الفكرة، فيصدّقه القارئ، ويميّزه عن آخرين، من خلال ما أسميه «الشعلقة اللفظية»، ومن ثم تضليل القارئ بزخم الألفاظ وضبابية المعنى.
وقد فطن مثقَّفونا القدامى، ومنهم شيخنا الجاحظ إلى ضرورة المزاوجة بين اللفظ والمعنى، لتتخلّق «الصورة» وحينما يقع بين يديّ نصٌّ أدبيٌّ، ابحث عن الصورة، أو الفكرة فيه، دون أن أغفل جمال التعبير، وعذوبة الكلمات، لأن لغتنا العربية، في المحصّلة النهائية «لغةٌ شاعرةٌ» كما وصفها أستاذنا العقاد، ولأنّ اللغة هي وعاء الفكر، كما يقرّر فلاسفتنا.
أسرح في هذه المقدمة، وأترك للفكر أن يشطح، وللخيال أن يجنح، وأنا أردد كلماتٍ قلتها ذات أزمةٍ وجوديةٍ عشتها:
مشكلتي أني في غمرة أحزاني أحببتْ
وغدوْتُ كما طفلٍ يلهو وعدوْتْ:
«أركض خلف سرابٍ برّاقِ اللهفةِ والسّمتْ»
مشكتي أني أعرف أين وقعتْ
في ذاتي ذاتٌ تسألني أيّان حللتْ
تسأل عن عطشى ترهقها جدران الصمتْ
تبحث عن فكرٍ مخبوءٍ بغباء الكبتْ
«إن كنت َ أسيرَ الفكرةِ ما بلّغتَ،وما أحببتْ»
تذكّرت هذه الارهاصة الفكرية، التي انسابت نغماً شعرياً ذات أزمةٍ وجوديةٍ عشتها، فاسترجعتها اليوم، وأنا أرى العالم العربيَّ كلَّه يعيش أزمةً وجوديةً يسعى جاهداً لاجتيازها، والمضيّ عبر نفقها الضيق، والإفصاح عن فكرةٍ رائعةٍ برّاقةٍ عن الحرية جنباً إلى جنبٍ مع العيش الكريم والتعايش السليم، والمشاركة في صنع غده بما يحقق الرفاه لأبنائه، وهو يصارع في ذلك جحافل الكبت، والتخلّف، والمصادرة الفكرية.. وأقول له:«إن كنتَ أسيرَ الفكرةِ ما بلّغتَ، وما أحببتْ».
بقلم : حسن شكري فلفل
copy short url   نسخ
01/12/2017
2716